تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قال المؤلف ـ رحمه الله ـ فيما نقله عن عقبة بن الحارث رضي الله عنه أنه صلى مع النبي صلى الله عليه وسلم ذات يوم صلاة العصر فقام النبي صلى الله عليه وسلم حين انصرف من صلاته مسرعا يتخطى رقاب الناس إلى بعض حجرات زوجاته ثم خرج فرأى الناس قد عجبوا من ذلك فبين لهم النبي صلى الله عليه وسلم سبب هذا وقال ذكرت شيئا من تبر عندنا يعني مما تجب قسمته فكرهت أن يحبسني فأمرت بقسمته ففي هذا الحديث المبادرة إلى فعل الخير وألا يتوانى الإنسان عن فعله وذلك لأن الإنسان لا يدري متى يفجأه الموت فيفوته الخير والإنسان ينبغي أن يكون كيسا يعمل لما بعد الموت ولا يتهاون وإذا كان الإنسان في أمور دنياه يكون مسرعا وينتهز الفرص فإن الواجب عليه في أمور أخراه أن يكون كذلك بل أولي قال الله تبارك تعالى بل تؤثرون الحياة الدنيا والآخرة خير وأبقى إن هذا لفي الصحف الأولى صحف إبراهيم وموسى وفي هذا دليل على أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أسرع الناس مبادرة على الخير وأنه عليه الصلاة والسلام محتاج إلى العمل ولهذا لما حدث فقال إنه لا يدخل الجنة أحد بعمله قالوا: ولا أنت؟ قال ولا أنا إلا أن يتغمدني الله برحمته هذا وهو النبي عليه الصلاة والسلام وفي هذا الحديث: دليل على جواز تخطي الرقاب بعد السلام من الصلاة ولاسيما إذا كان لحاجة وذلك لأن الناس بعد السلام من الصلاة ليسوا في حاجة إلى أن يبقوا في أماكنهم بل لهم الانصراف بخلاف تخطي الرقاب قبل الصلاة فإن ذلك منهى عنه لأنه إيذاء للناس ولهذا قطع النبي صلى الله عليه وسلم خطبته يوم الجمعة حين رأى رجلا يتخطى الرقاب فقال له اجلس فقد آذيت

،، قلت فليس يكفى ابراء ذمة دافع الزكاة حين يؤدى زكاة ماله لإقامة الفريضة، فلا تقام فريضة الزكاة بمعناها التى شرعت من اجله، وهى مواساة الفقراء والمساكين بالمال، وكذلك اصحاب الاسهم الثمانية، الا بتحصيلها ممن وجبت عليه ودفعها لمن وجبت له

،، فأن قيل ليس فى ما فات من آثار دليل قاطع على الحث على سرعة وتعجيل دفع مال الزكاة لمستحقيها، قلنا لئن كانت فى صدقة التطوع، ففى الفريضة أولى واوجب، وصدقة التطوع بابها اوسع، تُعطى للاصناف الثمانية وغيرهم، فلما كان ذلك الحرص الشديد من الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فى تعجيلها وهى صدقة تطوع، حتى لانه تخطى الرقاب، فهو آكد فى الصدقة المفروضة، وهذا بين

والآثار فى ذلك كثيرة، ولولا الاطالة لذكرتها

،، واما فى حديث العرنيين، او حديث وسم إبل الصدقة، فليس فيه مايدل على حبس اموال الزكاة، او تأخيرها دون اعتبار مصلحة، والحديث لا يستشهد به على عموم تأخير سائل اصناف الاموال الزكوية، فلا تقاس النقود التى هى ثمن للاشياء، بالابل التى كانت كرائم ونفائس الاموال عند العرب، وتقسيمها قد يقتضى نحرها، وفى ذلك اهدار لقيمتها، فلعل حبسها وتأخيرها عن توزيعها، كان من اجل انتظار بيعها

اخرج البخارى واللفظ له فى الحديث المتفق عليه:

وعن أَبي ذر - رضي الله عنه -، قَالَ: كُنْتُ أَمْشِي مَعَ النَّبي - صلى الله عليه وسلم - في حَرَّةٍ ((2)) بِالمَدِينَةِ، فَاسْتَقْبَلَنَا أُحُدٌ، فقال: ((يَا أَبَا ذَرٍّ)) قلت: لَبَّيْكَ يَا رسولَ الله. فقال: ((مَا يَسُرُّنِي أنَّ عِنْدِي مِثْلَ أُحُدٍ هَذَا ذَهَباً تَمْضي عَلَيَّ ثَلاَثَةُ أيّامٍ وَعِنْدِي مِنْهُ دِينَارٌ، إِلاَّ شَيْءٌ أرْصُدُهُ لِدَيْنٍ، إِلاَّ أنْ أقُولَ بِهِ في عِبَادِ الله هكذا وَهَكَذَا وَهكَذَا)) عن يَمِينِهِ وعن شِمَالِهِ وَمِنْ خَلْفِهِ، ثُمَّ سَارَ، فقال: ((إنَّ الأَكْثَرينَ هُمُ الأَقَلُّونَ يَوْمَ القِيَامَةِ إِلاَّ مَنْ قَالَ بالمَالِ هكَذَا وَهكَذَا وَهكَذَا)) عن يمينِهِ وعن شِمَالِهِ وِمنْ خَلْفِهِ ((وَقَلِيلٌ مَاهُمُ)). ثُمَّ قَالَ لي: ((مَكَانَكَ لاَ تَبْرَحْ حَتَّى آتِيكَ)) ثُمَّ انْطَلَقَ في سَوادِ اللَّيْلِ حَتَّى تَوَارَى، فَسَمِعْتُ صَوتاً، قَدِ ارْتَفَع، فَتَخَوَّفْتُ أنْ يَكُونَ أحَدٌ عَرَضَ للنَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فَأرَدْتُ أنْ آتِيهِ فَذَكَرتُ قَوْله: ((لا تَبْرَحْ حَتَّى آتِيَكَ)) فلم أبْرَحْ حَتَّى أتَاني، فَقُلْتُ: لَقَدْ سَمِعْتُ صَوتاً تَخَوَّفْتُ مِنْهُ، فَذَكَرْتُ لَهُ، فقال: ((وَهَلْ سَمِعْتَهُ؟)) قلت: نَعَمْ، قَالَ: ((ذَاكَ جِبريلُ أتَانِي. فقال: مَنْ مَاتَ مِنْ أُمَّتِكَ لاَ يُشْرِكُ بِاللهِ شَيْئاً دَخَلَ الْجَنَّةَ) قلت: وَإنْ زَنَى وَإنْ سَرَقَ؟ قَالَ: ((وَإنْ زَنَى وَإنْ سَرَقَ))

قال الحافظ ابن حجر

وفيه الحث على الإنفاق في وجوه الخير وأن النبي صلى الله عليه و سلم كان في أعلى درجات الزهد في الدنيا بحيث انه لا يحب أن يبقى بيده شيء من الدنيا الا لانفاقه فيمن يستحقه واما لارصاده لمن له حق واما لتعذر من يقبل ذلك منه لتقييده في رواية همام عن أبي هريرة الآتية في كتاب التمني بقوله أجد من يقبله ومنه يؤخذ جواز تأخير الزكاة الواجبة عن الإعطاء إذا لم يوجد من يستحق أخذها وينبغي لمن وقع له ذلك أن يعزل القدر الواجب من ماله ويجتهد في حصول من يأخذه فإن لم يجد فلا حرج عليه ولا ينسب إلى تقصير في حبسه

والله اعلى واعلم

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير