[الموت الدماغي: نفس تميتها بغير حق مقابل نفس تحييها بالحرام]
ـ[د. أبو بكر خليل]ــــــــ[09 - 02 - 08, 01:28 ص]ـ
في مسألة نقل الأعضاء الآدمية الموت الدماغي: نفسٌ تُميتها بغير حق ... مقابل نفسٍ تُحييها بالحرام!
بمناسبة ما نشر و أذيع عن البدء في مناقشة مشروع قانون زرع الأعضاء البشرية في مجلس الشعب بمصر - تمهيدا لإقراره تشريعيا و إنفاذه عمليا في حال موافقة الأغلبية البرلمانية عليه – و لكوني من المهتمين بمتابعة و دراسة تلك القضية الهامة و العامة، التي تمس صميم أرواح و أجساد جميع المصريين؛ فقد أحببت أن أسهم – عبر منبركم – في إبداء الرأي و عرض الأدلة في قضية زرع أو غرس الأعضاء البشرية، و بخاصة ممن أُطلق عليهم مرضى " الموت الدماغي "؛ عسى الله تعالى أن ينفع بها.
• إزاء ازدياد الحاجة إلى ما اعتبر قطع غيار بشرية من أعضاء الأجساد الحيوية - نظرا لازدياد الأمراض المهلكة و الفشل الوظيفي العضوي، بسبب التلوث البيئي و غيره - تفتّقت أذهان شياطين الإنس عن حيلة خبيثة لإيجاد وسيلة دائمة و وفيرة للحصول على تلك الأعضاء؛ فقاموا باختلاق مقولة " الموت الدماغي " أو " الموت الإكلينيكي " بديلاً من " الموت الحقيقي " المعروف لدى كل البشر منذ بدء الخليقة.
و تم الترويج لدعوى اعتبار المرضى بما سمي بالموت الدماغي موتى و لو كانت بعض أعضائهم و أجهزة أجسامهم تقوم بوظائفها، و قلوبهم مازالت تعمل و تنبض و تضخّ الدماء، و أطلقوا على هؤلاء المرضى اسما زائفا مخادعا هو: " الجثة ذات القلب النابض "!
كيف يطلق عليها جثة و قلبها يعمل و يضخ الدم في عروقها، و بقية أجهزتها تقوم بوظائفها؟!
و لا نتحدث هنا عن عمل تلك الأعضاء و الأجهزة لعدة لحظات أو دقائق كما يردون و يحتجون بحركة و رفرفة المذبوح، و إنما نتحدث عن عملها ساعات و أيام و أسابيع.
و أيضا لا نتحدث هنا عن عمل القلب وحده أو التنفس وحده ليحتجوا بالقلب الصناعي أو عمليات التنفس الصناعي، و إنما نتحدث عن عمل أعضاء و أجهزة داخلية كثيرة مثل الغدد الإفرازية المختلفة و الغدد الصماء و عمليات الإخراج، و الكبد أو الكلية في غير حالات الفشل الوظيفي، و كذا ضبط حرارة الجسم و غير ذلك.
فإذا تقرر أن تلك دلائل حياة حقيقية، و هي كذلك: فمعناه أن هؤلاء المرضى ما زالوا أحياء حتى لحظة انتزاع أعضائهم الحيوية و إزهاق أرواحهم.
ففي أي شرع أو دين يجوز مثل ذلك القتل البشع؟!
تناقض ما بعده تناقض، و اجتماع النقيضين – الموت و الحياة؛ بالكليّة – في حال واحد محال. و هذا أمر منطقي صحيح مدرك بالعقل.
و إنما كان ذلك بغرض تبرير انتزاع و استلاب أعضاء هؤلاء المرضى، و ما يترتب عليه من قتلهم و إزهاق أرواحهم؛ جرّاء اقتطاع و اقتلاع تلك الأعضاء السليمة الضرورية للحياة مثل القلب و الكبد و كلتا الكليتين و الرئتين؛ لزرعها و وضعها بدلا من نظائرها التالفة في أجساد مرضى آخرين.
و هذه جريمة قتل عمد بشعة – مع سبق الإصرار و الترصد، بلغة القانون – مقترنة باقتطاع و استلاب الأعضاء؛ بصرف النظر عن الغرض منها؛ لأن الغاية لا تبرر الوسيلة، بمعنى أن المقصد الحسن لا يبيح وسيلته القبيحة. و لا معنى لإحياء نفس من الهلاك بالمرض الشديد بإهلاك و إماتة بل قتل نفس أخرى!
* و قد اختلقت و نشأت دعوى " الموت الدماغي أو الإكلينيكي " مع بداية عمليات نقل الأعضاء الحيوية في العام 1968م، و ذلك لحماية الطبيب الإنجليزي الشهير " كريستيان برنارد " من المساءلة القانونية و الجنائية عقب قيامه بنقل قلب رجل أسود مريض بالغيبوبة العميقة إلى رجل أبيض يعاني من عطب في قلبه في جنوب إفريقيا إبان عهد الفصل العنصري، و ترتب على ذلك موت المريض المنتزع منه قلبه - قبل أن يلقى حتفه - جراء ذلك! [مقال: نقل و زراعة الأعضاء تجارة لا تعرف الرحمة، صحيفة الأهرام 21/ 3/1999م]
تلك كانت بداية ظهور مصطلح موت الدماغ أو الموت الإكلينيكي في ممارسة عملية نقل الأعضاء؛ ليكون الغطاء الطبي الذي تستتر خلفه أبشع جرائم القتل الوحشية ضد المرضى الأحياء حقيقة.
¥