تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ولا شك أن محبة العبد لربه واجبة، وقد وقف حصولها وقبولها على اتباع هذا الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، وجعل من ثواب اتباعه حصول محبة الله ومغفرته للعبد، وهذا الاتباع له والتأسي به يوجب تقليده، والسير على نهجه، والاقتداء به في تقرباته، وتجنب كل ما نهى عنه، والحذر من مخالفته التي نهايتها الخروج عن التأسي به. (من رسلة: أخبار الآحاد في الحديث النبوي للشيخ ابن جبرين أصلحه الله بتصرّف)

وقال تعالى: ((لقد منَّ الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولاً من أنفسهم يتلوا عليهم آياته و يزكيهم و يُعلمهم الكتاب و الحكمة و إن كانوا من قبل لفي ضلال مبين)) (سورة آل عمران:164)،

ففي هذه الآيات الكريمة دلالة واضحة على وجوب العمل بالسنّة النبوية بأقسامها الأربعة: القولية والعملية والتقريرية والتركية.

بل جعل الله علامة حبّنا له تعالى متعلّقة بمدى تمسّكنا بسنّة نبيّه عليه الصلاة والسلام ومدى اتّباعنا له.

فمن لم يستنّ بسنّة نبيّه عليه السلام ولم ينصاغ لأوامره ويقف عند نواهيه فليس محبّا لله وإن حلف الأيمان المغلّظة على خلاف ذلك.

وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، ويؤمنوا بي وبما جئت به).

كما ثبت عنه في الصحيح أنه قال: (فمن رغب عن سنتي فليس مني).

قال صلى الله عليه و سلم: ((قد تركتكم على البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها بعدي إلا هالك))، رواه أحمد وابن ماجة (هو في مسند أحمد 4/ 126، و ابن ماجة برقم 43 عن العرباض بن سارية رضي الله عنه).

وقال: ((إنه لم يكن نبي قبلي إلا كان حقاً عليه أن يدل أمته على خير ما يعلمه لهم، و ينذرهم شر ما يعلمه لهم))، رواه مسلم و النسائي عن عبدالله بن عمرو (كما في صحيح مسلم 12/ 232 كتاب الإمارة، و سنن النسائي 7/ 152 كتاب البيعة في حديث طويل).

فكان حقاً على الأمة السير على نهجه، و اتباع سنته، مما يسبب لهم النصر والعزّ والتمكين في الدنيا، و حصول رضى الله تعالى و ثوابه في الدار الآخرة.

3) ما تدل عليه النصوص السابقة:

وفي هذه النصوص من الآيات والأحاديث أمور هامة جداً يمكن إجمالها فيما يلي:1) أنه لا فرق بين قضاء الله وقضاء رسوله، وأن كلا منهما، ليس للمؤمن الخيرة في أن يخالفهما، وأن عصيان الرسول كعصيان الله تعالى، وأنه ضلال مبين.

2) أنه لا يجوز التقدم بين يدي الرسول كما لا يجوزالتقدم بين يدي الله تعالى، وهو كناية عن عدم جواز مخالفة سنته، قال الإمام ابنالقيم في ((إعلام الموقعين)) (1/ 58): ((أي لا تقولوا حتى يقول، وتأمروا حتى يأمر، ولا تفتوا حتى يفتي، ولا تقطعوا أمراً حتى يكون هو الذي يحكم فيه ويمضي)).

3) أن التولي عن طاعة الرسول إنما هو من شأن الكافرين.

4) أن المطيع للرسول مطيع لله تعالى.

5) وجوب الرد والرجوع عند التنازع والاختلاف في شيء من أمور الدين إلى الله وإلى الرسول، قال ابن القيم (1/ 54): ((فأمر تعالى بطاعته وطاعة رسوله،وأعاد الفعل (يعني قوله: وأطيعوا الرسول) إعلاماً بأن طاعته تجب استقلالاً من غير عرض ما أمر به على الكتاب، بل إذا أمر وجبت طاعته مطلقاً سواء كان ما أمر بهفي الكتاب، أو لم يكن فيه، فإنه ((أوتي الكتاب ومثله معه))، ولم يأمر بطاعة أولي الأمر استقلالاً، بل حذف الفعل وجعل طاعتهم في ضمن طاعة الرسول)) ومن المتفق عليه عند العلماء أن الرد إلى الله إنما هو الرد إلى كتابه، والرد إلى الرسول، هو الرد إليه في حياته، وإلى سنته بعد وفاته، وأن ذلك من شروط الإيمان.

6) أن الرضى بالتنازع، بترك الرجوع إلى السنة للخلاص من هذا التنازع سبب هام في نظر الشرع لإخفاق المسلمين في جميع جهودهم، ولذهاب قوتهم وشوكتهم.

7) التحذير من مخالفةالرسول لما لها من العاقبة السيئة في الدنيا والآخرة.

8) استحقاق المخالفين لأمره الفتنة في الدنيا، والعذاب الأليم في الآخرة.

9) وجوب الاستجابة لدعوة الرسول وأمره، وأنها سبب الحياة الطيبة، والسعادة في الدنيا والآخرة.

10) أن طاعة النبي سبب لدخول الجنة والفوز العظيم، وأن معصيته وتجاوز حدوده سبب لدخول النار والعذاب المهين.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير