تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قال الشارح وغيره ((وهو المتمكن من أخذ الأحكام من الأدلة الشرعية قال ولكنه يعز وجوده بل كاد يعدم بالكلية ومع تعذره فمن شرطه أن يكون مقلدا مجتهدا في مذهب إمامه ومن شرطه أن يتحقق أصول إمامه وأدلته وينزل أحكامه عليها فيما لم يجده منصوصا من مذهب إمامه))

قلت (الإمام الصنعاني) ولا يخفى ما في هذا الكلام من البطلان وإن تطابق عليه الأعيان وقد بينا بطلان دعوى تعذر الاجتهاد في رسالتنا المسماة بـ ((إرشاد النقاد إلى تيسير الاجتهاد)) بما لا يمكن دفعه وما أرى هذه الدعوى التي تطابقت عليها الأنظار إلا من كفران نعمة الله عليهم فإنهم -أعني المدعين لهذه الدعوى والمقررين لها- مجتهدون يعرف أحدهم من الأدلة ما يمكنه بها الاستنباط مما لم يكن قد عرفه عتاب بن أسيد قاضي رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم على مكة ولا أبو موسى الأشعري قاضي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في اليمن ولا معاذ بن جبل قاضيه فيها وعامله عليها ولا شريح قاضي عمر وعلي رضي الله عنهم على الكوفة.

ويدل لذلك قول الشارح ((فمن شرطه أي المقلد أن يكون مجتهدا في مذهب إمامه وأن يتحقق أصوله وأدلته)) أي ومن شرطه أن يتحقق أصول إمامه وأدلته وينزل أحكامه عليها فيمالم يجده منصوصا من مذهب إمامه فإن هذا هو الاجتهاد الذي حكم بكيدودة عدمه بالكلية وسماه متعذرا فهلا جعل هذا المقلد إمامه كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم عوضا عن إمامه وتتبع نصوص الكتاب والسنة عوضا عن تتبع نصوص إمامه والعبارات كلها ألفاظ دالة على معان فهلا استبدل بألفاظ إمامه ومعانيها ألفاظ الشارع ومعانيها ونزل الأحكام عليها إذا لم يجد نصا شرعيا عوضا عن تنزيلها على مذهب إمامه فيما لم يجده منصوصا؟!

تالله لقد استبدل الذي هو أدنى بالذي هو خير من معرفة الكتاب والسنة إلى معرفة كلام الشيوخ والأصحاب وتفهم مرامهم والتفتيش عن كلامهم.

ومن المعلوم يقينا أن كلام الله تعالى وكلام رسوله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم أقرب إلى الأفهام وأدنى إلى إصابة المرام فإنه أبلغ الكلام بالإجماع وأعذبه في الأفواه والأسماع وأقربه إلى الفهم والانتفاع ولا ينكر هذا إلا جلمود الطباع ومن لاحظ له في النفع والانتفاع والأفهام التي فهم بها الصحابة الكلام الإلهي والخطاب النبوي هي كأفهامنا وأحلامهم كأحلامنا إذ لو كانت الأفهام متفاوتة تفاوتا يسقط معه فهم العبارات الإلهية والأحاديث النبوية لما كنا مكلفين ولا مأمورين ولا منهيين لا اجتهادا ولا تقليدا أما الأول فلاستحالته وأما الثاني فلأنا لا نقلد حتى نعلم أنه يجوز لنا التقليد ولا نعلم ذلك إلا بعد فهم الدليل من الكتاب والسنة على جوازه لتصريحهم بأنه لا يجوز التقليد فهذا الفهم الذي فهمنا به هذا الدليل نفهم به غيره من الأدلة من كثير وقليل على أنه قد قال صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم بأنه يأتي من بعده من هو أفقه ممن في آلاف وأوعى لكلامه حيث قال فرب مبلغ أفقه من سامع وفي لفظ أوعى له من سامع والكلام قد وفينا حقه في الرسالة المذكورة)) اهـ

أما ابن حزم رحمه الله فقد أغلظ في ذمّ التقليد وأهله في معظم كتبه انظر على سبيل المثال (المحلى: 1/ 69 وغيرها) بل قال رحمه الله في (7/ 110): ((تالله إن الحمير لتميز الطريق من أقل من هذا فكم في هذا الإقدام والجرأة على مدافعة السنن الثابتة في نصر التقليد مرة بالكذب المفضوح ومرة بالحماقة المشهورة ومرة بالغثاثة والبرد حسبنا الله ونعم الوكيل والحمد لله على السلامة)) اهـ

ومن علماء الجزائر الذين اشتهروا بذمّ التقليد والعصبية المذهبية ومحاربتهما العلامة الفقيه الشيخ المجاهد العربي بن بلقاسم التبسي رحمه الله وأجزل له المثوبة، حيث قال في معرض إجابته عن أحد الأسئلة الموجّهة إليه ما ملخّصه:

((إنّ ردّ السُنن النبويةقولية أو عمليةبمجرد مخالفتها لمذهب من المذاهب محادة لرسول الله عليه الصلاة والسلام، وعصيان لوصايا أئمةالاسلام الثابتة عنهم وفي مقدمة أولئك الائمة مالك بن انس الذي روى عنه اصحابهكمعين بن عيسى انه كان يقول ((انما انا بشر اخطىء واصيب فانظروا في رايي فكلما وافقالكتاب والسنة فخذوه وكلما لم يوافق الكتاب والسنة فاتركوه)).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير