تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وقال أبو إسحاق الشيرازي الفقيه الشافعي (صاحب كتاب المهذّب في فقه الشافعي) المتوفّى سنة 476هـ رحمه الله تعالى: ((فصل: في جواز تقليد العامّي لمن شاء من العلماء: قال رحمه الله: إذا ثبت ما ذكرناه فيجوز لهُ تقليدُ من شاء من سائر العلماء وقال أبو العبّاس والقفّال: ((يلزمُهُ الإجتهادُ في أعيان المفتيّين، ولا يجوز لهُ أن يترُكَ تقليد الأعلم الأدين إلى تقليد من هو دونهُ)) والدليلُ على أنّه لا يجبُ عليه ذلك قوله تعالى: ((فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون)) ولم يفصّل.)) اهـ (الوصول إلى مسائل الأصول 2/ 406، الشركة الوطنية للنشر والتوزيع، الجزائر، 1399هـ تحقيق عبد المجيد تركي)

فأنت ترى أنّه لم يوجبه بتقليد عالم معيّن أو مذهب معيّن، بل ترك له الحريّة في تقليد من يحسبُه الأعلم والأتقى والأورع.

وقال سند بن عنان الفقيه المالكي المتوفّى سنة 541هـ عليه رحمة الله في شرحه على مدونة سحنون: (( ... أمّا التقليد فهو قبول قول الغير من غير حجّة فمن أين يحصل به علم وليس له مستند إلى قطع؟! وهو أيضا في نفسه بدعة محدثة لأنّا نعلم بالقطع أنّ الصحابة رضوان الله عليهم لم يكن في زمانهم وعصرهم مذهب لرجل معيّن يدرك ويُقلّد، وإنّما كانوا يرجعون في النّوازل إلى الكتاب والسنّة أو إلى ما يتمحّض بينهم من النّظر عند فقد الدّليل، وكذلك تابعوهم أيضا يرجعون إلى الكتاب والسنّة فإن لم يجدوا نظروا إلى ما أجمع عليه الصحابة، فإن لم يجدوا اجتهدوا واختار بعضهم قول صحابي فرآه الأقوى في دين الله تعالى، ثمّ كان القرن الثالث وفيه كان أبو حنيفة ومالك والشافعي وابن حنبل فإنّ مالكا توفّى سنة تسع وسبعين ومائة (179هـ) وتوفّى أبو حنيفة سنة خمسين ومائة (150هـ) وفي هذه السنة وُلد الإمام الشافعي، ووُلد ابن حنبل سنة أربع وستّين ومائة (164هـ) وكانوا على منهاج من مضى، ولم يكن في عصرهم مذهب رجل معيّن يتدارسونه ... فالعجبُ من أهل التقليد كيف يقولون هذا هو الأمرُ القديم؟! وعليه أدركنا الشيوخ وهو إنّما حدث بعد مائتي سنة من الهجرة وبعد فناء القرون الذين أثنى عليهم الرسول صلى الله عليه وسلّم)). اهـ

قال الشيخ أبو عبد الباري عبد الحميد العربي حفظه الله معلّقاً: ((وقد تكلّمنا في صدر تحقيق هذا الجزء أنّ الأئمّة الأربعة بل الأربع مائة لم يكن واحد منهم يجيز لتلامذته تقليده والتسليم لقوله وردّ أقوال الآخرين مُطلقا، ومنه تعلم أن التعصّب للعلماء مُحدَثٌ لم يدرج عليه الأوائل)) اهـ (المقدّمة السلفية ص128 - 129)

وقال الإمام صالح بن محمد بن نوح الفلاني في كتابه ((إيقاظ همم أولي الأبصار للاقتداء بسيد المهاجرين والأنصار وتحذيرهم عن الابتداع الشائع في القرى والأمصار من تقليد المذاهب مع الحمية والعصبية بين فقهاء الأعصار)) بعد نقله ما مر من كلام ابن عبد البر و أكثر منه كلاما، ما نقله عن ((سند بن عنان)) شارح مدونة سحنون جاء فيه:

((وأما التقليد فلا يرضاه رجل رشيد، ولسنا نقول إنه حرام على كل فرد بل نوجب معرفة الدليل، أقاويل الرجال، ونوجب على العامي تقليد العالم)).

ثم قال ((سند)) بعد ذكره الخلاف في تقليد الميت ما نصه:

((وإنما نقول نفس المقلد ليست على بصيرة، ولا يتصف من العلم بحقيقة، إذ ليس التقليد بطريق إلى العلم بوفاق أهل الآفاق، وإن نازعنا في ذلك برهانه فنقول: قال الله تعالى:

((فاحكم بين الناس بالحق))

وقال: ((لتحكم بين الناس بما أراك الله))

وقال: ((ولا تقف ما ليس لك به علم))

وقال: ((وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون))

ومعلوم أن العلم هو معرفة المعلوم على ما هو به، فنقول للمقلد: إذا اختلفت الأقوال وتشعبت المذاهب من أين تعلم صحة قول من قلدته دون غيره، أو صحة قولة له على قولة أخرى، و لن يبدي كلاماً في قول إلا انعكس عليه في نقيضه، خاصة إذا عرض له ذلك في قولة لإمام مذهبه الذي قلده، وقولة تخالفها لبعض أئمة الصحابة)) اهـ. نقلا عن الحسام الماحق للعلامة الهلالي رحمه الله.

وجاء في كتاب ((التقرير والتحبير)) لمحمد بن محمد ابن أمير الحاج الحنبلي (3/ 439 - 440دار الكتب العلمية -بيروتتحقيق عبد الله محمود محمد عمر ط1 سنة 1419هـ) ما نصّه:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير