تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وفي مراجعة أبي هريرة لعبد الله بن سلام حين قال: (هي آخر ساعة من يوم الجمعة) واعتراضه عليه بأنها ساعة لا يصلى فيها ورسول الله قد قال: ((لا يوافقها عبد مسلم وهو يصلي يسأل الله شيئا إلا أعطاه إياه)) أدل دليل على إثبات المناظرة والمعارضة وطلب الحجة ومواضع الصواب.

وفي إدخال عبد الله بن سلام عليه قول رسول الله ((من انتظر صلاة فهو في صلاة)) وإذعان أبي هريرة إلى ذلك دليل بين على ما كان القوم عليه من البصر بالاحتجاج والاعتراضات والإدخال والإلزامات في المناظرة وهذا سبيل أهل الفقه أجمع إلا طائفة لا تعد من العلماء أعرقوا في التقليد وأزاحوا أنفسهم من المناظرة والتفهم وسموا المذاكرة مناظرة جهلا منهم بالأصول التي منها ينزع أهل النظر وإليها يفزع أولوا البصر والله المستعان)) اهـ.

وقال رحمه الله عند الحديث رقم 537 (23/ 288 - 289):

مالك عن يحيى بن سعيد عن محمد بن يحيى بن حبان عن ابن محيريز أن رجلا من بني كنانة يدعى المخدجي سمع رجلا بالشام الغرماء أبا محمد يقول: (إن الوتر واجب)

قال المخدجي: فرحت إلى عبادة بن الصامت فاعترضت له وهو رائح إلى المسجد فأخبرته بالذي قال أبو محمد، قال عبادة: (كذب أبو محمد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ((خمس صلوات كتبهن الله عز وجل على العباد ... )) الحديث.

قال أبو عمر رحمه الله: ((وفي هذا الحديث من الفقه دليل على ما كان القوم عليه من البحث عن العلم والاجتهاد في الوقوف على الصحة منه وطلب الحجة وترك التقليد المؤدي إلى ذهاب العلم)). اهـ

فهلا تأسّينا بهم واقتدينا بفعالهم واهتدينا بأقوالهم وأفعالهم؟!

ومن المفيد في آخر هذا البحث المتواضع أن نذكر الحكم الشرعي في اشتراط المستفتي من المفتي أن يُفتيه على مذهب معيّن لا غير!

جاء في كتاب: (الفتوى في الإسلام ص 148):

حكم الاشتراط في الفتوى أن تكون على مذهب معيّن:

يُستفاد هذا ممّا أوضحه الإمام الماوردي في الأحكام السلطانية في القضاء، قال:

يجوز لمن اعتقد مذهب الشافعي رحمه الله أن يقلّد القضاء من اعتقد مذهب أبي حنيفة لأنّ للقاضي أن يجتهد برأيه في قضائه ولا يلزمه أن يقلّد في النوازل والأحكام من اعتزى إلى مذهبه، فإذا كان شافعيا لم يلزمه المصير في أحكامه إلى أقاويل الشافعي حتّى يؤدّيه اجتهاده إليها، فإن أدّاه اجتهاده إلى الأخذ بقول أبي حنيفة عمل عليه وأخذ به.

وقد منع بعض الفقهاء من اعتزى إلى مذهب أن يحكم بغيره لما يُتوجّه إليه من التهمة والمحايلة في القضايا والأحكام، وإذا حكم بمذهب لا يتعدّاه كان أنفى للتهمة وأرضى للخصوم.

قال الماوردي: وهذا وإن كانت السياسة تقتضيه فأحكام الشرع لا توجبه. ((لأنّ التقليد فيها محظور والاجتهاد فيها مستحّق)). اهـ

وجاء في ((شرح نظم الورقات)) للإمام ابن عثيمين رحمه الله:

((ولو جاء سائل يسأل، فقال للمفتي: أفتني على مذهب فلان، والمفتي يعلم أنّ الحقّ بخلافه، فهل يجوز أن يفتيه به؟

الجواب: لا يجوز، فإذا قال قائل: هذا الرجل لم يطلب إلا المذهب الفلاني؟

أقول (الإمام ابن عثيمين): نعم، هو لم يطلب إلا المذهب الفلاني، ولكنّه لم يقل ما هو مذهب فلان ليَعلَم به ولا يعمل، لو كان يريد أن يعلم به ولا يعمل أفتيته، أمّا وأنا أعرف أنّه لم يسأل عن مذهب فلان إلا ليتّبعه، ويدع الدليل الذي عندي، فأنا لا أُفتيه، وأقول: هذا قول الله عزّ وجلّ، أو هذا قول محمّد بن عبد الله صلى الله عليه وسلّم.

فالحاصل أنّه لو استفتاك شخص مقلّد وقال: ما هو مذهب فلان في كذا؟ وأنت تعرف أنّ الصواب في خلافه، فإنّه لا يجوز أن تُفتيَهُ، نّك إذا أفتيتهُ فقد أفتيته أن يخالف الحقّ الذي تعلمُ، أو يغلب على ظنّك أنّه الحقّ.

أمّا لو جاء يسألك سؤالا مجرّدا، لا ليعمل به، فهنا لا حرج عليك أن تبيّن له المذهب، إذا كنت عارفا به.)) (ص199 - 200) دار أنس، القاهرة، ط1.

شُبهة: السلفيون لا يأخذون بأقوال الأئمّة الأربعة ولا يحترمونهم!!

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير