وقد جاء في الحديث المتفق على صحته عن عبد الله بن مسعود أنَّ الرسول * قال: ((يا معشرَ الشباب مَن استطاع منكم الباءةَ فليتزوَّج، فإنَّّه أحصنُ للفرج، وأغضُّ للبصر، ومن لَم يستطع فعليه بالصومِ، فإنَّه له وِِجَاء))، فقد بيَّن عليه الصلاة والسلام أنَّ الإنسان إذا كان قادراً على الزواج، فعليه أن يبادرَ إليه ليُعفَّ نفسه، وليعفَّ غيره، وإذا كان غيرَ قادر فإنَّه يتعاطى هذا العلاج النبوي الذي أرشد إليه الرسول الكريم صلوات الله وسلامه وبركاته عليه وهو الصيام؛ لأنَّه حميةٌ ووقايةٌ من أن يقعَ الإنسانُ في المعاصي، وذلك لما يحصل في الصوم من إضعاف النفس وعدم تمكنها من الأمور التي كانت تتمكَّن منها في حال التنعم في المآكل والمشارب.
والحاصل أنَّ هذا توجيهٌ نبويٌّ كريم من الرسول الكريم عليه أفضل الصلاة وأتمّ التسليم للشباب أن يقدموا على الزواج إذا تمكنوا من ذلك وقدروا عليه، وإذا لم يستطيعوا فإنَّهم يكبحون جماح نفوسهم بالصيام. من كلام الشيخ ابن عثيمين رحمه الله
قال تعالى: {{وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ إِذَا أَنْتُمْ بَشَرٌ تَنْتَشِرُونَ (20) وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (21)}}.
يقول الشيخ ابن باز رحمه الله تعالى:
" الواجب البدار بالزواج، ولا ينبغي أن يتأخر الشاب عن الزواج
من أجل الدراسة، ولا ينبغي أن تتأخر الفتاة عن الزواج للدراسة، فالزواج لا يمنع
شيئا من ذلك، ففي الإمكان أن يتزوج الشاب، ويحفظ دينه وخلقه ويغض بصره، والزواج
فيه مصالح كثيرة، ولا سيما في هذا العصر، ولما في تأخيره من الضرر على الفتاة
وعلى الشاب، فالواجب على كل شاب وعلى كل فتاة البدار بالزواج إذا تيسر الخاطب
الكفء للمرأة، وإذا تيسرت المخطوبة الطيبة للشاب " انتهى.
وقال ابن عثيمين رحمه الله: الزواج ليس عائقاً عن طلب العلم إذا كان عند الإنسان ما يقيته، نعم لو فرض أن الإنسان ليس عنده ما يقيته، وخاف إذا تزوج أن يترتب على زواجه نفقات لا يستطيع تحملها مع طلب العلم، فحينئذ قد يكون عائقاً، ومع ذلك فإننا لا نحبذ للشاب ترك الزواج ولو في هذه الحال، بل نقول تزوج والله سبحانه وتعالى يغنيك أنت وأهلك، وفي الحديث: (إن ثلاثة حق على الله عونهم، وذكر منهم: المتزوج يريد العفاف) فأقبل يا أخي على الزواج، ولو كنت طالب علم، وربما يكون زواجك فتح باب رزق لك كما هو مشاهد في بعض الأحيان. اللقاء الشهري
1.
أما حديث بي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم:
(ثَلاثَةٌ حَقٌّ عَلَى اللَّهِ عَونُهُم: المُجَاهِدُ فِي
سَبِيلِ اللَّهِ، وَالمُكَاتِبُ الذي يُرِيدُ الأَدَاءَ، وَالنَّاكِحُ الذِي يُرِيدُ العَفَافَ) رواه الترمذي (1655) وحسنه الألباني في صحيح الترمذي.وهو كذلك وأخرجه النسائي في سننه وغيرهم
ولو لم يكن من فائدة الزواج سوى وجود الذرية زينة الحياة الدنيا التي يأنس بها الإنسان لكفاها فائدة ومن دعاء الأنبياء قال تعالى
{هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ}
({وَزَكَرِيَّا إِذْ نَادَى رَبَّهُ رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنْتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ (89) فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ} (90)
فيه د لالة على طلب الولد الصالح، والدعاء بحصوله وهي سنة المرسلين والصديقين والصالحين.
قال القرطبي في تفسيره (4/ 72)
في هذا رد على بعض جهال المتصوفة حيث قال: الذي يطلب الولد أحمق، وما عرف أنه [هو] الغبي الاخرق، قال الله تعالى مخبرا عن إبراهيم الخليل: " واجعل لي لسان صدق في الاخرين " [الشعراء: 84] وقال: " والذين يقولون
ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين " [الفرقان: 74].
وقد ترجم البخاري على هذا " باب طلب الولد ".
وقال صلى الله عليه وسلم لابي طلحة حين مات ابنه: (أعرستم الليلة)؟ قال: نعم.
¥