[الربا بقلم فضيلة الشيخ "أبو عبيدة" مشهور بن حسن آل سلمان]
ـ[عماد الجراري]ــــــــ[08 - 03 - 08, 05:28 م]ـ
بقلم فضيلة الشيخ "أبو عبيدة" مشهور بن حسن آل سلمان
حفظه الله تعالى ورعاه
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله http://www.mashhoor.net/images/salat-rasool.gif، وآله وصحبه، ومن اهتدى بهديه، وصلى بصلاته إلى يوم الدين، قال تعالى: {يَوْمَ لا يَنفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ إِلا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ} [الشعراء:88 - 89].
أما بعد.
كلما ابتعد الناس عن هدي النبوة وزمانها وقعوا في ظلمات وورطات، بناء على ما وقع في حياتهم من مستجدات وإحداثات، ومن المعلوم من الدين بالضرورة حرمة الربا، ولكن استجدت طريقة التعامل بالربا، بناء على ما اصطلح عليه الناس من معاملات بالدنانير والدراهم بدلا من الذهب والفضة، ولما وقع هذا التغاير نازع بعض من زلت قدمه، وضل فهمه في جريان الربا في النقود التي بين أيدي الناس اليوم، بل صرح بعض من زاغ عن الحق في هذه المسألة بعدم وجوب الزكاة في الأموال التي بين أيدي الناس! لأنها ليست بذهب ولا فضة!
و (الخير) في المنظور الشرعي إنما يكون بالمواءمة بين (الحق) و (العدل)، ومدار العدل أن يعرف الفقيه (فقه واقع) المسألة المبحوثة، ومدار (الحق) التمييز بين الصحيح والسقيم والجيد من الرديء في النصوص المنسوبة للشرع: إثباتا وتوجيها ودلالة. وهنالك كثير من (المسائل) المبحوثة يكمن الخطأ فيها في الجانب الأول لا الثاني، ومن بينها: مسألتنا هذه: هل معاملة البنوك المعاصرة يشملها عموم النصوص المحرمة للربا.
أعالج في هذه المقالة هذه القضية المهمة، ولولا أني شعرت باغترار بعض الجهّال بما سوده بعض المتهوكين –قديما وحديثا- لضربت عن هذا الأمر صفحاً، وأعرضتُ عن الرد، فالباطل يموت بإهماله، ومن سنّة الله الشرعيّة والكونيّة أنّ الحق غالب منصور، والباطل مقهور مدحور.
والواجب على من تصدّى لمسألةٍ فقهية أن ينزع من أدلّة الشرع بحقّ، وأن ينزِّله في موضعه بعدل، فالتطبيق بين (الحق) و (العدل) هو عمل (فقيه النفس)، العالم بالنازلة، العارف بما يخصها من الأدلة.
ومن بديع كلام ابن القيم في «الإعلام» (2/ 166) قوله -بعد تقرير نحو ما ذكرت وتأصيله-: «ومن تأمّل الشريعة، وقضايا الصحابة وجدها طافحة بهذا».
ثم قال –وهذا هو الشاهد-: «ومن سلك غير هذا أضاع على الناس حقوقهم، ونسبه إلى الشريعة التي بعث الله بها رسوله» انتهى.
قال أبو عبيدة: فالبحث العلمي المؤنَّق قائم على «نقل مصدّق، وبحث محقّق» كما قاله شيخ الإسلام في «الرد على البكري» (2/ 729).
ولا ريب أنّ الشريعة جاءت بأصول كليّات، وقواعد مجملات، وهي –جميعاً-تتسع لحاجات الناس ومستجداتهم، وفيها -بنصوصها وقواعدها المتّصفة بالثبات، والشمول، والحاكميّة -ما يسعف الفقيه في استخراج أحكام النوازل، ولكن لا بدّ من جمع الحق والعدل –كما قلنا-.
ومن النوازل التي ظهرت في بلاد المسلمين، وعمت، وكاد لا يسلم أحد من شرها: (البنوك)، وتتابعت تقريرات العلماء وفتاويهم على إلحاقها بالمقرر عند جماهير الفقهاء ومحققيهم، من القول بحرمة التعامل معها، إلا بحذر وقدْر، والحذر يختلف باختلاف الورع والتقوى، والقدْر كلٌّ أدرى بحاجته، وينكر ما عدا هذا من التوسع الحاصل في التعامل معها في هذا الزمان، ولا قوّة إلا بالله!
ولو بقيت الفتنة –يا للأسف كالعادة! - في الممارسات والسلوكيّات، لهان الخطب، فلعلّ الذي أصابته فتنةٌ يرعوي في يوم من الأيام! ولكنها استشرت وتعدّت، فتمكّنت من القلوب، واستقرّت في الأفهام، فبتنا نجد من يفتي بالحلّ على إطلاقه!
وعقدة البحث مع هذا الصنف من الناس تكييف (1 ( http://www.mashhoor.net/inside/articles/reply/reply.htm#1)) هذه (الأوراق)، وهل يجري فيها الربا أم لا؟
ولا نعاكس رأي القائلين بعدم إجراء الربا، فإني سأبدأ بكلامهم، وبيان تكييفهم، ثمّ أكرّ عليه بالردّ المجمل (2 ( http://www.mashhoor.net/inside/articles/reply/reply.htm#2))، مبيناً علّة حرمة الربا في الذهب والفضّة، وأنّ الأوراق النقديّة التي بين أيدي الناس تلحق بها.
قال مراد شكري في كتابه (المِعْثار): «رفع الحرج والآصار عن المسلمين في هذه الأعصار» (ص24 - 25):
¥