«الأشياء ثلاثة أقسام: إمّا سلعة مجرّدة كالعقار، والشجر، والمعادن، والبهائم، ونحو ذلك، وإمّا مقياس مجرّد كالفلوس، والأوراق النقديّة، إذ لا قيمة لها في ذاتها، وإنّما فيما اصطلح الناس عليه من جعلها مقياساً لقيم سائر الأشياء، وثمناً لها تسهيلاً وتيسيراً.
وأمّا القسم الثالث: وهو ما جمع بين الوصفين ككونه سلعة ذات قيمة في نفسها، وكونه –أيضاً- مقياساً واصطلاحاً لأثمان سائر الأشياء، وهو الذهب والفضّة، أو ما كان في معناه مما يجمع الوصْفَين.
فلا ريب بعد هذا التقسيم الحاصِر في طريقين وهما:
الطريق الأول أن يُقال: إنَّ الذهب والفضّة صنفان ربويّان، وعلَّتهما قاصرة عليهما لا تتعداهما، فلا يُقاس عليهما سواهما من سائر الأشياء، ومعلوم أنّ الورق النقديّ لا هو ذهب ولا فضّة بالحِسّ الظاهر، والمشاهدة، وحقيقة الحال، فلا يكون ربويّاً لثبوت الفارق الواضح فلا قياس. (والكلام لا يزال لشكري!)!
أو الطريق الثاني: وهو معرفة حقيقة الوزن النقديّ، وأنه مقياس اصطلاحي موثوق وميسّر لتبادل الأشياء كالفلوس سواء بسواءٍ، بلا فارق، وعلى كلا الطريقتين فإنّه غير ربويّ؛ لأنّه ليس بذهب، ولا فضّة، إجمالاً وتفصيلاً».انتهى!
فهو يرى أنّ علّة (الذهب والفضّة) قاصرة، ولا يقاس عليها سواها من النقود والأوراق النقديّة، وبالتالي فهو لا يجري فيها الربا، وصرّح بذلك في (ص29) بقوله: «الشارع أطلق الذهب والفضّة، ولا يمكن قياس غير الذهب والفضّة عليها (3 ( http://www.mashhoor.net/inside/articles/reply/reply.htm#3)) في جريان الربا، وإلا لأدخلنا في كلام الشارع ما ليس منه؛ لأنّ الذهب والفضّة يجري الربا فيهما في كل أحوالهما، سواء كانت مضروبة، أو تبراً، أو مجعولاً حليّاً، فحكم الربا دائر معها حيث دارت» انتهى.
وزعم بعد كلام في (ص38) أنّ هذا القول هو (المشهور في المذاهب الأربعة)! وهذا نصّ كلامه:
«إذا تقرّر أنَّ المشهور في المذاهب الأربعة أنَّ الذهب والفضّة لا يقاس عليهما غيرهما كما هو قول مالك، والشافعي، ورواية في مذهب أحمد، أو أنّ علّتهما الوزن، فيلحق بهما الموزونات من المعادن كالحديد، والرصاص، والنحاس، كما هو مذهب أبي حنيفة وأحمد، وعلى القولين فالأوراق النقديّة ليست في الأصناف الربويّة لا نصّاً، ولا قياساً في أشهر الأقوال!! (والكلام لا يزال لشكري!)!
ثمَّ قرَّرنا أنّها مثل الفلوس في المعنى، وأنّ حكمهما حكم الفلوس كذلك، وأنّ الفلوس ليست من الأصناف الربويّة في المشهور من أقوال المذاهب الأربعة».
وأعاد هذا في مواطن من كتابه، منها ما في (ص43) لما قال: «لا ينبغي أن يظل هناك شبهة، فإنّ القول في حقيقة الأوراق النقديّة، وأنها غير ربويّة، وأنّ هذا القول
–أيضاً- قولمشهور عن أكابر الأئمة، بل الدليل عليه، وهو الأظهر» (4 ( http://www.mashhoor.net/inside/articles/reply/reply.htm#4))!! انتهى
قال أبو عبيدة: وجميع من سمّاهم –هكذا! -، وحاول أن يتعلّق بهم يخطِّئون تخريجه، ولا يوافقونه على القول بالحلّ في التعامل مع البنوك بالطريقة التي يفتي بها، وأنّ الأوراق النقديّة لا يجري فيها الربا، وتفصيل ذلك بذكر النقولات عنهم، وفتاويهم يطول، لا يتّسعه المقام، وهو مشهور متداول في (الفتاوى) والمحاضرات والدروس العلميّة، بل الوعظيّة!
ونقول بالنظر إلى الثمار، ونتائج التخريج: لا يوافق على هذا القول إلا عبدالله الحبشي، فهو من أوائل القائلين بعدم جريان الربا في الأموال التي بين أيدي الناس! قال في كتابه: «بغية الطالب» (ص314) بعد شقشقة وكلام: «فظهر من ذلك أنّه لا ربا في الفلوس، أي: إذا بيع الفلس بالفلس فهو حلال، بل يجوز بيع فلس بألف فلس».
بين مراد شكري وعبدالله الحبشي
نبيّن -من باب الإنصاف والعدل- أنّ هناك فرقاً بين قولي شكري والحبشي، وإنِ اتفقا في النتيجة! فالحبشي يرى عدم وجوب الزكاة في الأوراق النقديّة التي بين أيدي الناس، قال في كتابه السابق (ص216): «ولا زكاة في الأثمان من غير الذهب والفضّة؛ لأنّ النبي × لم يذكر زكاة غيرهما»، وأكد على ذلك بتتمة كلامه، ونصّه: «ولا ينظر إلى رواج الثمن، الذي هو من غيرهما، بالتعامل بين الناس».
¥