فكُتُب السلف وديعة السلف إلينا، وهي في ذمتنا، وعهدُ الإسلام إلينا، فيجب علينا أن نرعى حرمتها، وأن يقول لسان الحال منا: جهادًا بالقلم واللسان أمام هذا التحريف، إذا كان في كل ناد أثر من ثعلبة، فإن وراء كل داجية فجرًا صادقًا، وما من فجر كاذب إلَّا ويتبعه فجر صادق، والعلم محاط بعناية الله بحفظه، وتهيئة أهله لحفظه، فما استطاع هؤلاء المحرفون أن يظهروا، وما استطاعوا له نقبًا، فهبوا إلى حمايته - رحمكم الله - خفافًا وثقالًا، ألا إنها الاستقامة، مستقيمين على دين الله وشرعه، ألا إنها الاستقامة هي رأس مال المسلم في هذه الحياة الدنيا، ولا إخالكم إلَّا كذلك.
سبحان من قسم الحظوظ فلا عتاب ولا ملامة أعمى وأعشى ثم ذو بصر وزرقاء اليمامة
ومُسَدَّدٌ أو جائر أو حائر يشكو ظلامه لولا استقامة من هداه لما تبينت العلامة
وأعلى من ذلك وأجلّ قول الله تعالى:
{إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ (30) نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآَخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ (31) نُزُلًا مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ (32) وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ} [فصِّلت: 30 - 33].
هذا: وأبدي بذلك بشارة، وهو أن بعض ذوي القدرة واليسار، لما رأى ما رأى من تحريف جملة من النصوص عن مواضعها وإخراجها للناس محرفة، أبدى التزامًا أدبيًّا بإعادة طبع ما كان سبيله كذلك بعد التنسيق مع مجمع الفقه الإسلامي وعرضه عليكم في دورة - أو في هذه الدورة - بعد اتخاذ الترتيبات الرسمية اللازمة.
هذا وإن مسك الختام، ومن رد أعجاز الكلم على صدورها، أن أبدي خالص الشكر والتقدير ومحمود الثناء لخادم الحرمين الشريفين على موافقته الكريمة بعقد هذا المؤتمر على أرض المملكة العربية السعودية، وهذه واحدة من مكارمه في خدمة القضية الإسلامية، وإجلال العلم والعلماء، فجزاه الله خيرًا وثبته على الإسلام، وأعلى كلمته في العالمين بالحق آمين.
ونشكر صاحب السمو الملكي الأمير ماجد بن عبد العزيز على كلمته التي ألقاها نيابة عن خادم الحرمين الشريفين، والتي جاء فيها كلمة مهمة وهي " رعاية حرمة العلماء السابقين وأقوالهم " وأقول هنا: إنها مناسبة كريمة، إنه ليس من رعاية حرمات العلماء السابقين تحريف النصوص، فينبغي أن تكون كلمة سموه أمامنا موضع التنفيذ، بأن نرعى حرمة العلماء وأن نقول ما لهم، وأن نذكرهم بخير، وأن نذكر أقوالهم، وأن ندعمها بالأدلة بأمانة وصدق.
ونشكر صاحب المعالي مدير جامعة الملك عبد العزيز، على ترحيبه بعقد هذا المؤتمر في رحاب الجامعة، فجزاه الله خيرًا، وكثّرَ في المسؤولين من أمثاله، والله يوفقنا وإياكم وشكر الله لكم حضوركم واجتماعكم، ودمتم موفقين، والله يحفظنا وإياكم بالإسلام.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
معالي الدكتور بكر بن عبد الله أبو زيد
رئيس المجمع
ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[10 - 03 - 08, 11:11 ص]ـ
تقديم
كلمة معالي أمين عام المجمع
الدكتور محمد الحبيب ابن الخوجة
كلمة معالي رئيس مجلس المجمع
الدكتور بكر بن عبد الله أبو زيد
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، الذي بنعمته تتم الصالحات، والصلاة والسلام على النبي الأمين، الذي أرسله الله شاهدًا ومبشرًا ونذيرًا وداعيًا إلى الله بإذنه وسراجًا منيرًا، وعلى آله وصحبه أجمعين.
وبعد:
مما لا يخفى أن من أهم الأهداف العظيمة، التي أنشئ من أجلها مجمع الفقه الإسلامي الدولي، حشد طاقات فقهاء الأمة وعلمائها ومفكريها، في شتى حقول المعرفة: من فقهية وثقافية، واقتصادية واجتماعية، وطبية، في أنحاء العالم الإسلامي، لمواجهة مشكلات الحياة المعاصرة المعقدة بالاجتهاد فيها اجتهادًا جماعيًّا فاعلاً، لتقديم الحلول الناجعة لتلك المشكلات مهما تعقدت، وذلك على ضوء فقه أصول الشريعة الغراء المعتبرة وقواعدها العامة.
¥