ففي ضيافة حكومة جلالة السلطان: حسن بلقيه سلطان بروناي دار السلام، تعقد الدورة الثامنة لمجمع الفقه الإسلامي، وإن من يمن الطالع وسعده أن تنعقد هذه الدورة الثامنة على عدد أبواب الجنة الثمانية على أرض دارس السلام، تفاؤلا بأن تكون أعمالنا هذه طريقًا إلى دخول الجنة دار السلام من أي أبوابها، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، فاللهم اجعل عملنا كله صالحًا، واجعله لوجهك خالصا، ولا تجعل لأحد فيه شيئًا.
صاحب الجلالة،
أصحاب الفضيلة العلماء،
أصحاب المعالي الوزراء،
أيها الجمع الكريم،
اسمحوا لي - حفظكم الله تعالى - في هذه النوبة أن أنقل خطابة المنابر في الجوامع إلى ردهات المجامع، وأن أنقل مجالس الذكر في الخلوات في أدبار الصلوات إلى أمثال هذه المنتديات والردهات، فأقول:
أما بعد، فيا أيها الناس اتقوا الله تعالى ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون، واعلموا - رحمكم الله تعالى - أن النبي صلى الله عليه وسلم قد بلغ الرسالة، وأدى الأمانة، وجاهد في الأمة حق جهاده، فجزاه الله عن أمته أحسن الجزاء وأوفاه، ثم إن صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم تلقوا هذا الدين بتولية الله لهم عليه وتزكيته وتعديله لهم بنص كتاب الله وتنزيله، فنقلوا لنا الكتاب والسنة تماما على الذي أنزل، ثم إن صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم نشروا هذا الدين، فطاروا من جزيرة العرب مع شعاع الشمس كل مطار إلى كل بقعة ودار، فنشروا دين الله ونشروا الإسلام ومكنوه في نفوس الناس، فجزاهم الله عن الإسلام والمسلمين أحسن الجزاء وأوفاه، ولهذا صار من أصول اعتقاد الملة وأصول الديانة وجوب احترام صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم وعظمتهم وتقديرهم في نفوس المسلمين، وأنهم أصل في بلاغ هذه الرسالة إلى الناس، فهم أبر الأمة قلوبا وأعمقها في دين الله، وأقلها تكلفا فقد نشروا هذا الدين، وبلغوا البلاغ المبين، ولهذا فقد تتابع علماء الشريعة العلماء الهداة في القديم والحديث، عقد أهل العلم والإيمان قلوبهم على محبة صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى توقيرهم وتقديرهم وتبجيلهم ووقفوا حصنا منيعا ضد من يريد أن ينال من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكننا في هذا الزمان نعايش لوثة مؤلمة، ووضعا معديا من طحالب نبتت في عرض الدولة الإسلامية فأخذوا يكتبون ويقولون وينشرون كتبا ورسائل ومقالات تحمل قدحا في صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، بل تحمل تفسيقا وتكفيرا لعدد من وجوه صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنرى قدحا في الخلفاء الأربعة الراشدين في كتاب يأتي بهم على نسق واحد، ونرى قدحا في أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه، ثم يأتي أحد الكاتبين المجتهدين فيعالج البلية ببلية أخرى، فيكف عن عرض أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه، ثم يقع في بلية أخرى بالوقيعة في معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه، وهذا كاتب آخر ينشر كتابا من المسلمين في أوساط المسلمين ينكر فيه مائتين من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنهم شخصيات خيالية وهمية وفي مقدمتهم صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، راوية الإسلام أبو هريرة رضي الله عنه، وهذه من المكائد العظيمة والمصائب الكبيرة.
وأما الصعقة الغضبية التي يتناثر الصبر دونها، وبلية لا لعلها، وفتنة وقى الله شرها، فهو وجود كتاب ببسطة اليد يحمل مائة وخمسين لعنة بثلاث من خلفاء رسول الله صلى الله عليه وسلم: خمسون إلى أبي بكر رضي الله تعالى عنه، ونحو خمسين إلى عمر رضي الله تعالى عنه، ونحو خمسين إلى عثمان ذي النورين رضي الله عنه.
وهكذا في عدد من أصقاع العالم الإسلامي من المنتسبين إلى الإسلام يخرجون بهذه اللوثات على وجوه الصحابة وعلى كتب رسائل، ثم لا نرى قلما يحرك ساكنا لرد هذه القباحات عن أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم، إن صحابة النبي صلى الله عليه وسلم هم الشهود على هذه الشريعة وهم الذين بلغوها، وهؤلاء الأعداء العلمانيون إذا قدحوا في شهود الشرع يريدون أن يسقطوا الشرع بين أيدي المسلمين، ولهذا فإننا نهيب بعلماء المسلمين وبرجال هذا المجمع خاصة أن يقوموا قومة صادقة، وأن يجردوا نياتهم وأقلامهم في سبيل الله دفاعًا عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحفظًا لكرامتهم، وحفظا لبيضة الإسلام، وحفظا لحوزة الإسلام.
وإننا نعرض على معالي الأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلامي أن تثار هذه القضية في منظمة المؤتمر الإسلامي لتتخذ الدول قرارا في حماية جناب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنحن نعقد القلب على محبتهم والإيمان بهم، ونعقد الولاء والبراء على محبة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فمن أحبهم وقام بقدرهم وما أوجب الله عليه فهو أخونا في الله، ومن عادى واحدًا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فنحن نبغضه ونكرهه ولا نواليه.
ولهذا فإنه يجب أن نأخذ بهذا الملحظ العظيم الذي أخذت تلك الطحالب تدب إلى العالم الإسلامي في عدد من الدول وعدد من البلدان تعلن فيها سب صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، أهكذا يرضى المسلمون؟!.
إن علماء الإسلام قد قاموا بجهود وافرة في رد أمثال هذه الشناعات، ولكن المسلمين ينتظرون جهودكم أيضا في رد هذه الشناعات والقبائح عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.
أسأل الله الكريم رب العرش العظيم أن يجعلنا من أنصار دينه وأن يحيينا على الإسلام ويميتنا عليه.
هذا، يا صاحب الجلالة إننا نشكر جلالتكم على هذه الاستضافة، وما لقيناه من كرم الوفادة ممثلا في شخصكم الكريم، وفي رجال حكومتكم، وفي مقدمتهم معالي وزير الشؤون الإسلامية الشيخ: محمد الزين، فجزاكم الله خيرا وشكر سعيكم، وأسأل الله الكريم، رب العرش العظيم أن يوفقنا جميعا لكل عمل صالح مبرور، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
¥