وقال وهب بن منبه: مكث في البلاء ثلاث سنين، لا يزيد ولا ينقص.
ذكر تعالى عبده ورسوله أيوب عليه السلام وما كان ابتلاه تعالى به من الضر في جسده وماله وولده حتى لم يبق من جسده مَغْرز إبرة سليما سوى قلبه ولم يبق له من حال الدنيا شيء يستعين به على مرضه وما هو فيه غير أن زوجته حفظت وده لإيمانها بالله ورسوله فكانت تخدم الناس بالأجرة، وتطعمه وتخدمه نحوا من ثماني عشرة سنة. وقد كان قبل ذلك في مال جزيل وأولاد وسعة طائلة من الدنيا فَسُلبَ جميع ذلك حتى آل به الحال إلى أن ألقي على مزبلة من مزابل البلدة هذه المدة بكمالها ورفضه القريب والبعيد سوى زوجته رضي الله عنها فإنها كانت لا تفارقه صباحا و [لا] مساء إلا بسبب خدمة الناس ثم تعود إليه قريبًا. فلما طال المطال واشتد الحال وانتهى القدر المقدور وتم الأجل المقدر تضرع إلى رب العالمين وإله المرسلين فقال: {أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ}."
4 - {فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تَكُن كَصَاحِبِ الْحُوتِ إِذْ نَادَى وَهُوَ مَكْظُومٌ} (القلم:48)
ومن هو صاحب الحوت؟:
قال ابن كثير:
يعني:ذا النون، وهو يونس بن متى، عليه السلام، حين ذهب مُغَاضِبًا على قومه، فكان من أمره ما كان من ركوبه في البحر والتقام الحوت له، وشرود الحوت به في البحار وظلمات غمرات اليم، وسماعه تسبيح البحر بما فيه للعلي القدير، الذي لا يُرَدّ ما أنفذه من التقدير، فحينئذ نادى في الظلمات. {أَنْ لا إِلَهَ إِلا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ} [الأنبياء: 87]. قال الله {فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ} [الأنبياء: 88]، وقال تعالى: {فَلَوْلا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ} [الصافات: 143، 144] وقال هاهنا: {إِذْ نَادَى وَهُوَ مَكْظُومٌ} قال ابن عباس، ومجاهد، والسدي: وهو مغموم. وقال عطاء الخراساني، وأبو مالك: مكروب. وقد قدمنا في الحديث أنه لما قال: {لا إِلَهَ إِلا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ} خرجت الكلمة تَحُفّ حول العرش، فقالت الملائكة: يا رب، هذا صوت ضعيف معروف من بلاد غريبة. فقال الله: أما تعرفون هذا؟ قالوا: لا. قال: هذا يونس. قالوا: يا رب، عبدك الذي لا يزال يرفع له عمل صالح ودعوة مجابة؟ قال: نعم. قالوا: أفلا ترحم ما كان يعمله في الرخاء فتنجيه من البلاء؟ فأمر الله الحوت فألقاه بالعراء؛ ولهذا قال تعالى: {فَاجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَجَعَلَهُ مِنَ الصَّالِحِينَ}
وقد قال الإمام أحمد: حدثنا وكيع، حدثنا سفيان، عن الأعمش، عن أبي وائل، عن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا ينبغي لأحد أن يقول: أنا خير من يونس بن متى".
ورواه البخاري من حديث سفيان الثوري (1) وهو في الصحيحين من حديث أبي هريرة (2).
(فهو كظيم) أي مكظوم مملوء من الحزن ممسك عليه لا يبثه، ومنه كظم الغيظ وهو إخفاؤه، فالمكظوم المسدود عليه طريق حزنه، قال الله تعالى: " إذ نادى وهو مكظوم " (1) [القلم: 48] أي مملوء كربا.
ويجوز أن يكون المكظوم بمعنى الكاظم، وهو المشتمل على حزنه.
((والحمد لله تعالى))
ـ[طالبة العلم سارة]ــــــــ[26 - 12 - 07, 08:13 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله تعالى، والصلاة والسلام على نبينا محمد.
أما بعد:
ما لفت نظري حالهم التي كانوا عليها عند دعائهم؛ وسبب ذلك تفكري في أمر وهو أني لاحظت أنه تعالى يقول: {إِذْ نَادَى} كلما ذكر سبحانه دعاء لأحد أنبيائه في الغالب،و {إذ} اسم للزمن، ودائما تذكر {إذ} مع ذكر الأحوال، سواء كان هذا الحال لمن يعيش في ذلك الزمان أو للزمان.
وما لفت نظري: أن كل دعاء دعوا به مباشرة قال تعالى بعده ((فاستجبنا))
قال العلماء فاء هذه الفورية أي أول ما دعوا أستجيب لهم.
والله أعلم وأحكم.
2 - {وَنُوحاً إِذْ نَادَى مِن قَبْلُ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ} (الأنبياء:76)
{أَنْ لا إِلَهَ إِلا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ} [الأنبياء: 87]. قال الله {فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ} [الأنبياء: 88]، وقال تعالى: {فَلَوْلا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ}
((والحمد لله تعالى))
ولكن لابد من وقفه للتأمل ... !!
لما كل ما دعوا أستجاب الله لهم فورا؟؟؟؟
لعل الأخ يتمم لنا الفائدة. مشكورا
ـ[أبو الأشبال عبدالجبار]ــــــــ[26 - 12 - 07, 09:21 م]ـ
الأخت الفاضلة جزاك الله خيرا.
ولكن لابد من وقفه للتأمل ... !!
لما كل ما دعوا أستجاب الله لهم فورا؟؟؟؟
انظري أختي الكريمة إلى حالهم كيف كان!!
لعل الأخ يتمم لنا الفائدة. مشكورا
أتمنى أن تفعلي وتتمي ما أشرت إليه إذا أمكن. فقد وضعت الموضوع وأنا أتمنى أن يشاركني طلبة العلم في تأمل كتاب الله عز وجل.
¥