قال البرزالي: شيوخه بالسماع نحو مائة شيخ، وبالإجازة: أكثر من سبعمائة، وخرجت له المشيخات، والعوالي والمصافحات، والموافقات، ولم يزنا يقرأ عليه إلى قبيل وفاته بيوم.
قال: وكان شيخاً جليلاً. فقيهاً كبيراً، بهي المنظر، وضيء الشيبة، حسن الشكل، مواظباً على حضور الجماعات، وعلى قيام الليل والتلاوة والصيام، له أوراد وعبادة. وكان عارفاً بالفقه، خصوصاً كتاب " المقنع " قرأه وأقرأه مرات كثيرة. وكان له حلقة بالجامع المظفري. وقرأ عليه جماعة، ودرس " الكافي " جميعه. وكان يذكر الدرس ذكراً حسناً متقناً، ويحفظه من ثلاث مرات ونحوها. وكان قوي النفس، لين الجانب، حسن الخلق، متودداً إلى الناس، حريصاً على قضاء الحوائج، وعلى النصر المتعدي.
وحدث بثلاثيات البخاري سنة ست وخمسين وستمائة، وحدث بجميع الصحيح سنة ستين، وولي القضاء سنة خمس وتسعين.
قال الذهبي: كان فقيهاً إماماً محدثاً، أفتي نيفاً وخمسين سنة، ودرس بالجوزية وغيرها. وبرع في المذهب، وتخرج به الفقهاء، وروى الكثير، وتفرد في زمانه، وكان كيساً متواضعاً، حسن الأخلاق، وافر الجلالة، ذا تعبد وتهجد وإيثار.
وقال أيضاً: كان صاحب ليل ومعروف، ولين كلمة، وجبر للأرملة والضعيف، ولم يخلف مثله.
وقال أيضاً: ولكنه يجري في أحكامه ما الله به أعلم. والآفة من سبطه. والله المستعان. ولولا دخوله في القضاء لعُدَّ من العلماء العاملين. وهو مع هذا مسلم، ذو حظ من عبادة، وتواضع ولين وفتوة.
قلت: وسمعت شيخنا الحافظ أبا سعيد العلائي ببيت المقدس يقول: رحمه الله شيخنا القاضي " تقي الدين سليمان، سمعته يقول: لم أصل الفريضة قط منفرداً إلا مرتين، وكأني لم أصلهما قط.
حدث بالكثير. وسمع منه الأبيوردي، وذكره في معجمه - وتوفي قبله بدهر - وابن الخباز - وتوفي قبله بمدة - وحدث عنه من بعد الستين. وسمع منه أئمة وحفاظ، وروى عنه خلق كثير. حدثنا عنه جماعة كثيرة من أصحابه.
وتوفي ليلة الإثنين حادي عشر ذي القعدة سنة خمس عشرة وسبعمائة بمنزله بالدير فجأة. وكان قد حكم يوم الأحد بالمدينة. وطلع إلى الجبل إلى آخر النهار، فعرض له تغير يسير، وتوضأ للمغرب، ومات عقب الصلاة، ودفن من الغد بتربة جده الشيخ أبي عمر، وحضره خلق كثير رحمه اللّه تعالى.
وهذه ترجمته رحمه الله من الددر الكامنة:
مسعود بن أحمد بن مسعود بن زيد الحارثي سعد الدين العراقي ثم المصري الحنبلي منسوب إلى الحارثية قرية من قرى بغداد ولد سنة 652 وعني بالحديث فسمع من الرضي بن البرهان والنجيب وعبد الله بن علاق وطبقتهم وبدمشق من أحمد بن أبي الخير والجمال ابن الصيرفي وابن أبي عمر وسمع الكثير وقرأ بنفسه وكتب العالي والنازل واتسعت معارفه في الفن وكان قد ولي مشيخة الحديث النورية بدمشق ثم تركها ورجع إلى مصر وكان أبوه تاجراً فنشأ هو في رياسة وبزة فاخرة وحرمة وافرة قال الذهبي وكان رئيساً فصيح الإيراد عذب العبارة قوي المعرفة بالمتون والأسانيد صيناً ودرس بالصالحية وجامع طولون ثم ولي القضاء في ربيع الآخر سنة 709 بعد موت عبد الغني بن يحيى الحراني من قبل المظفر بيبرس فاستمر إلى أن مات وكان متيقظاً فيه محتاطاً وقدم الفضلاء من كل طائفة وكان ابن دقيق العيد ينفر منه لقوله بالجهة ويقول هذا داعية ويمتنع من الاجتماع به ويقال أنه الذي تعمد إعدام مسودة كتاب الإمام لابن دقيق العيد بعد أن كان أكمله فلم يبق منه إلا ما كان بيض في حياة مصنفه وحكى الجمال الأدفوي عن شمس الدين ابن القماح قال خاطبته في الجهة فقال كل ما يلزم على القول بالجهة أقول به وقال الذهبي طلبت منه مجلس رزق الله التميمي هبة فما سمح به وشرح سعد الدين قطعة من سنن أبي داود كبيرة أجاد فيها وقطعة من المقنع للحنابلة أتى فيه بمباحث ونقول وفوائد ولم يكمل وخرج معجم الأبرقوهي فجوده وغير ذلك سمع منه السبكي وعز الدين ابن جماعة وآخرون وآخر من حدث عنه بالإجازة شيخنا شهاب الدين ابن العز مات في 14 ذي الحجة سنة 711.
ـ[خليل الفائدة]ــــــــ[12 - 03 - 08, 03:56 م]ـ
بارك الله فيك ..
الحارثيُّ - رحمه الله - من محقِّقي الحنابلة، ولا تكاد تجد كتاباً من كتب الحنابلة (المتوسطين أو المتأخرين) إلاَّ وله فيه ذكرٌ كثير؛ كالفروع، وتصحيحه، بل والمغني، والإنصاف، والإقناع وشرحه ..........
ولعلَّك تجد له ترجمةً موسَّعة في ذيل طبقات الحنابلة ..
والله أعلم.
ـ[خليل الفائدة]ــــــــ[12 - 03 - 08, 03:58 م]ـ
عفواً .. لم أكن رأيتُ مشاركة أخي الأخضراني - وفقه الله -.
ـ[أبو المنذر الجعفرى]ــــــــ[16 - 03 - 08, 02:55 م]ـ
جزاكم الله خيرا و نفع بكم
ـ[عمارالمدرس]ــــــــ[28 - 06 - 10, 07:39 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله ارجو التفضل بالاطلاع على ماارسلته هل يوجد كتاب التذكرة مخطوط او مطبوع لابن عبدوس علي بن عمر الحراني الحنبلي او كتابه المذهب في المذهب ولكم جزيل الشكر
¥