تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فهذه هي وظائف الجمعة لكل مسلم يأتي يوم الجمعة، فإذا انتصب المدرس يوم الجمعة كما هو مشاهد في بعض البلاد العربية اليوم فهو يصد الناس عن كل هذه العبادات و الطاعات بسبب تشويشه على هؤلاء الآتين للمسجد و الذين أقل ما يفعله أحدهم أن يصلي ركعتين تحية المسجد يوم الجمعة، فحينئذ يكون هذا المدرس مشوشاً و مبدّداً للقائمين بمثل هذه الصلاة التي لا بد منها وهما ركعتا تحية المسجد فضلاً عمن أراد أن يتطوع بأكثر من ركعتين كما سبق الإشارة لحديث الرسول - عليه السلام - في قوله: " ثم صلى ما بدا له - أو - كتب الله له ". و قد ثبت عن بعض الصحابة كابن مسعود و غيره بأنهم كانوا يصلون أربعاً، ستاً، و ثمانياً، فهؤلاء كيف يصلون إذا أرادوا أن يحيوا هذه السنة التي أماتها الناس، و هناك صوت المدرس يلعلع و يشوش على هؤلاء المتعبدين و المصلين و قد جاء في الحديث الصحيح قوله - عليه السلام - «يا أيها الناس كلكم يناجي ربه فلا يجهر بعضكم على بعض في القراءة»

فلا يجوز إذاً لهذا المدرس أن ينتصب للتدريس في هذا المكان الذي خص لعبادة الله - عز وجل - بشتى أنواع العبادات كما سبق الإشارة إليها، من أجل ذلك جاء في السنن من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي - صلى الله عليه وسلم - " نهى عن التحلُّق يوم الجمعة ". و النهي هذا معقول المعنى، وسبق ذكره في الكلام السابق لما فيه من التشويش على الذين يحضرون المسجد و يصلون و يذكرون الله و يصلون على النبي - صلى الله عليه وسلم - لذلك نقول: لا يجوز التدريس يوم الجمعة لأنه لم يكن أولاً في عهد السلف الصالح، و لأنه يشوش على الناس في طاعتهم و عبادتهم، و لأن النبي -صلى الله عليه وسلم - نهى عن التحلق يوم الجمعة، و هذا ما عندي و الله أعلم.

وحول سؤال عن حكم هذا المدرس هل هو آثم أم لا؟

أجاب الشيخ الألباني - رحمه الله -: معلوم هذا (أي: إثمه!!!) من حديث: " لا يجهر بعضكم على بعض في القراءة " أو كما جاء في الحديث بزيادة مهمة جداً: " لا يجهر بعضكم على بعض في القراءة فتؤذوا المؤمنين ". و الإيذاء بلا شك محرم بنص القرآن، والإيذاء هنا بسبب التشويش فلا يصح التدريس.

إن كان أحد يريد أن يدرس فبعد الصلاة حيث يتفرغ الناس لسماع من شاء منهم و من شاء القضاء، أما أن ينتصب المدرس قبل صلاة الجمعة فيفرض نفسه على الناس فرضاً و فيهم المصلي و التالي و الذاكر فهذا هو الإيذاء للمؤمنين فلا يجوز. أهـ من كتاب " اللمعة في حكم الإجتماع للدرس قبل صلاة الجمعة " لمحمد موسى نصر.

ثانيا: فتوى ابن عثيمين رحمه الله:

سئل الشيخ العثيمين رحمه الله في " فتاوى نور على الدرب " (ج188/ص92):

الدرس الذي يكون قبل الأذان يوم الجمعة ما حكمه و ما حكمه إذا كان بشكل مستمر؟

فأجاب:

أما الدرس الخاص الذي يكون بين عالم و تلاميذه فهذا لا بأس به، إلا أنه نهي عن التحلق يوم الجمعة إذا كان في ذلك تضييق على من يأتون إلى الجمعة.

و أما إذا كان عامّا مثل أن يكون الدرس في مكبر الصوت عاما على جميع الحاضرين فإن هذا منكر و بدعة. أما كونه منكرا فلأن النبي صلى الله عليه وسلم أنكر على أصحابه حين كانوا يصلون أوزاعا فيجهرون بالقراءة فقال عليه الصلاة والسلام " كلكم يناجي ربه فلا يؤذين بعضكم بعضا بالقراءة "؛ لأنه إذا رفع صوته شوش على الآخرين، فهذا وجه كونه منكرا. فإن هذا الذي يحدث الناس بمكبر الصوت يوم الجمعة يؤذي الناس لأن من الناس من يحب أن يقرأ القرآن، و من الناس من يحب أن يتنفل بالصلاة، و من الناس من يحب أن يفرغ نفسه للتسبيح و التهليل و التكبير، و ليس كل الناس يرغبون أن يستمعوا إلى هذا المتحدث، فيكون في هذا إيذاء لهم. و من أجل هذا أنكر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم على أصحابه الذين يجهر بعضهم على بعض.

و أما كونه بدعة، فلأن هذا لم يحدث في عهد النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، و هو صلى الله عليه وسلم أحرص الناس على تبليغ الرسالة، ولم يحصل و ذلك لأنه سوف يحصل للناس التذكير و الموعظة في الخطبة المشروعة التي ستكون عند حضور الإمام.اهـ

قلت: جملة ما تمسك به هذان الفاضلان من الأدلة يرجع إلى ثلاثة أصول:

- حديث النهي عن التحلق يوم الجمعة.

- حصول الإيذاء للمصلين به.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير