تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

روى ابن سعد في " الطبقات الكبرى " (ج 6 / ص 124) و الذهبي في " أعلام النبلاء " (ج 3 / ص 527): أخبرنا يحيى بن عباد قال: حدثنا شعبة عن سماك بن حرب عن ملحان بن ثروان

" أن سلمان كان يقول لزيد بن صوحان يوم الجمعة: قم فذكر قومك! "

و هذا إسناد صحيح رجاله ثقات.

و زيد بن صوحان هذا الذي قدمه سلمان لموعظة الناس. قال الحافظ في " الفتح " (5/ 92): تابعي كبير مخضرم، و زعم بن الكلبي أن له صحبة، و روى أبو يعلى من حديث علي مرفوعا: " من سره أن ينظر إلى من سبقه بعض أعضائه إلى الجنة فلينظر إلى زيد بن صوحان ". وكان قدوم زيد في عهد عمر و شهد الفتوح. اهـ

• الإمام مالك رحمه الله:

و كذلك كان يفعل أئمة السلف الذين يُقتدى بهم. ففي " المدونة " (1/ 379) في باب: ما جاء في استقبال الإمام يوم الجمعة و الإنصات. قال ابن القاسم:

" رأيت مالكا و الإمام يوم الجمعة على المنبر قاعد و مالك متحلق في أصحابه قبل أن يأتي الإمام و بعدما جاء يتحدث و لا يقطع حديثه و لا يصرف وجهه إلى الإمام، و يقبل هو و أصحابه على حديثهم كما هم حتى يسكت المؤذن، فإذا سكت المؤذن وقام الإمام للخطبة تحول هو و جميع أصحابه إلى الإمام فاستقبلوه بوجوههم.

قال ابن القاسم: و أخبرني مالك أنه رأى بعض أهل العلم ممن مضى يتحلق في يوم الجمعة و يتحدث، فقلت لمالك: متى يجب على الناس أن يستقبلوا الإمام بوجوههم؟ قال: إذا قام يخطب و ليس حين يخرج ".اهـ

• التابعون:

و في " الفقيه و المتفقه " للخطيب البغدادي (3/ 76): عن عفان، نا مهدي بن ميمون، قال: «رأيت أبا العلاء و الجريري و أبا نعامة السعدي و أبا نعامة الحنفي و ميمون بن سياه و أبا نضرة يتحلقون يوم الجمعة قبل الصلاة» قال عفان: و ذكر مهدي أكثر من هؤلاء لم أحفظهم.اهـ

قلت: و هؤلاء الذين ذكرهم مهدي كلهم من التابعين و فيهم الرفعاء الذين جالسوا كثيرا من الصحابة رضي الله عنهم.

• أئمة الحديث:

و في كتاب " الجامع لأخلاق الراوي و آداب السامع " للخطيب البغدادي (1198) عن يحيى بن معين: «رأيت يحيى بن سعيد القطان و معاذ بن معاذ وحماد بن مسعدة يتحلقون يوم الجمعة قبل الصلاة ومعهم نحو من ثلاثين رجلا يتحدثون و الناس يصلون و معاذ يحدث فإذا فرغ من الحديث قال ليحيى: أليس هكذا يا أبا سعيد؟ فيقول له: نعم و ما يصلون البتة حتى تقام الصلاة.

قال أبو زكريا: وكان حفص بن غياث و أصحابه يتحلقون أيضا يوم الجمعة قبل الصلاة فقال له سفيان الثوري - زعموا -: ما فعلت حلقتكم يا أبا عمر قال: «هي على حالتها».اهـ

و في نفس الكتاب (3/ 374) قال أبو حفص: و رأيت عبد الرحمن بن مهدي جاء إلى حلقة يحيى بن سعيد ومعاذ بن معاذ العنبري فقعد خارجا من الحلقة فقال له يحيى: ادخل في الحلقة فقال له عبد الرحمن: أنت حدثتني عن ابن عجلان عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده: «أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن التحلق يوم الجمعة قبل خروج الإمام»، فقال له يحيى بن سعيد: فأنا رأيت حبيب بن حسان كذا قال: وفي رواية غيره أنا رأيت هشام بن حسان وحبيب بن الشهيد وسعيد بن أبي عروبة يتحلقون يوم الجمعة قبل خروج الإمام فقال عبد الرحمن: فهؤلاء بلغهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عنه ففعلوه.

قال أبو بكر (الخطيب البغدادي): و هذا الحديث يتفرد بروايته عمرو بن شعيب ولم يتابعه أحد عليه، و في الإحتجاج به مقال، فيحتمل أن يكون يحيى بن سعيد و من وافقه تركوا العمل به لذلك، أو يكون النهي مصروفا إلى من قارب من الإمام خوفا أن يشغل عن سماع الخطبة. فأما من بعُد منه بحيث لا يبلغه صوته فتجوز له المذاكرة بالعلم في وقت الخطبة، و الله أعلم. اهـ

قلت: قال الترمذي (2/ 139): قال علي بن عبد الله: و ذكر عن يحيى بن سعيد أنه قال: حديث عمرو بن شعيب عندنا واهي. اهـ و قد مر الكلام في تأويله.

ثانيا الرد على شبهة من قال إنه بدعة:

اعلم أن قول القائل أن الدرس لم يكن يفعله رسول الله صلى الله عليه و سلم قول مجانب للتوفيق و بعيد عن التحقيق. إذ ليس كل ما لم يفعله رسول الله صلى الله عليه و سلم يلزم أن يكون بدعة محدثة. حتى يجتمع شرطان و هما:

- عدم قيام مقتضاه،

- و عدم وجود مانع من وقوعه.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير