تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ[مصطفى رضوان]ــــــــ[22 - 03 - 08, 03:25 ص]ـ

احسن الله اليكم شيخنا الفاضل ابن عبد الغنى

مسألة "ضع وتعجل ليس فيها اجماع بعدم الجواز، كما تفضلتم بذكره

فللمسألة قولان: الجمهور على المنع

والمحققون من أهل العلم على الجواز

، واليكم تفصيل ذلك نقلا عن أهل العلم:

الخصم من الدَّين إذا عجل المدين السداد

إذا استدان شخص من آخر مبلغ عشرة آلاف دينار مثلاً على أن يسددها بعد سنة ولكن الدائن ألمَّت به حاجة لماله فطالب المدين أن يسدد الدَّين قبل حلول الأجل بأربعة أشهر على أن يحسم له خمسمائة دينار فهل يجوز ذلك أم لا؟

تسمى هذه المسألة عند الفقهاء مسألة (ضع وتعجل) وهي مسألة خلافية فذهب جمهور أهل العلم إلى منعها وقال آخرون بالجواز وهو منقول عن ابن عباس رضي الله عنهما وبه قال إبراهيم النخعي وابن سيرين وأبو ثور وهو راوية عن الإمام أحمد ومنقول عن الإمام الشافعي وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم وابن عابدين الحنفي وقال به جماعة من العلماء المعاصرين كما سيأتي.

قال الشيخ ابن قدامة المقدسي: [إذا كان عليه دين مؤجل فقال لغريمه: ضع عني بعضه وأعجل لك بقيته لم يجز كرهه زيد بن ثابت وابن عمر والمقداد وسعيد بن المسيب وسالم والحسن وحماد والحكم والشافعي ومالك والثوري وهشيم وابن علية وإسحاق وأبو حنيفة وقال المقداد لرجلين فعلا ذلك كلاكما قد آذن بحرب من الله ورسوله وروي عن ابن عباس: أنه لم ير به بأساً وروي ذلك عن النخعي وأبي ثور لأنه آخذ لبعض حقه تارك لبعضه فجاز كما لو كان الدَّين حالَّاً] المغني 4/ 39.

وقال العلامة ابن القيم بعد أن ذكر القول بمنع (ضع وتعجل)

قال: [والقول الثاني أنه يجوز وهو قول ابن عباس وإحدى الروايتين عن الإمام أحمد حكاها ابن أبي موسى وغيره واختاره شيخنا] أي شيخ الإسلام ابن تيمية. إعلام الموقعين 3/ 359.

وقد احتج هذا الفريق من أهل العلم بما ورد في الحديث عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (لمَّا أراد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يخرج بني النضير قالوا: يا رسول الله إنك أمرت بإخراجنا ولنا على الناس ديون لم تحل، فقال - صلى الله عليه وسلم -: ضعوا وتعجلوا) رواه الحاكم وقال هذا حديث صحيح الإسناد. المستدرك 2/ 362.

وأخرجه الطبراني في الكبير وفيه مسلم بن خالد الزنجي وهو ضعيف وقد وثق كما قال الهيثمي في مجمع الزوائد 4/ 130، ورواه البيهقي في السنن الكبرى 6/ 28، وقال إنه ضعيف لضعف مسلم بن خالد الزنجي.

وروى البيهقي بإسناده: [أن ابن عباس كان لا يرى بأساً أن يقول أعجل لك وتضع عني] سنن البيهقي 6/ 28.

وتضعيف مسلم بن خالد الزنجي غير مسلَّم قال الذهبي عنه: [الإمام فقيه مكة] ثم ذكر اختلاف العلماء في توثيقه وتجريحه فقال: [قال يحيى بن معين ليس به بأس، وقال البخاري: منكر الحديث، وقال أبو حاتم: لا يحتج به، وقال ابن عدي: حسن الحديث أرجو أنه لا بأس به، وقال أبو داود: ضعيف. قلت -أي الذهبي-: بعض النقاد يرقي حديث مسلم إلى درجة الحسن] سير أعلام النبلاء 8/ 176 - 177.

وسبق كلام الهيثمي أن مسلم بن خالد الزنجي قد وثق وهو شيخ الإمام الشافعي وقد روى عنه الإمام الشافعي واحتج به!

قال ابن القيم بعد أن ساق الحديث: [قلت هو على شرط السنن وقد ضعفه البيهقي وإسناده ثقات وإنما ضعف بمسلم بن خالد الزنجي وهو ثقة فقيه روى عنه الشافعي واحتج به] إغاثة اللهفان 2/ 13. وبهذا يظهر لنا أن الحديث صالح للاحتجاج به.

وقال هذا الفريق من أهل العلم إن مسألة ضع وتعجل تعتبر من قبيل الصلح وليس فيها مخالفة لقواعد الشرع وأصوله بل حكمة الشرع ومصالح المكلفين تقتضي أن المدين والدائن قد اتفقا وتراضيا على أن يتنازل الأول عن الأجل والدائن عن بعض حقه فهو من قبيل الصلح والصلح جائزٌ بين المسلمين إلا صلحاً أحلَّ حراماً وحرم حلالاً. الربا والمعاملات المصرفية ص 237.

وأجاب العلامة ابن القيم عن دعوى أن مسألة ضع وتعجل من باب الربا بقوله: [لأن هذا عكس الربا فإن الربا يتضمن الزيادة في أحد العوضين في مقابلة الأجل وهذا يتضمن براءة ذمته من بعض العوض في مقابلة سقوط الأجل فسقط بعض العوض في مقابلة سقوط بعض الأجل فانتفع به كل واحد منهما ولم يكن هنا رباً لا حقيقةً ولا لغةً ولا عرفاً فإن الربا الزيادة وهي منتفية ههنا والذين حرموا ذلك إنما قاسوه على الربا ولا يخفى الفرق الواضح بين قوله: إما أن تربي وإما أن تقضي، وبين قوله: عجل لي وأهب لك مائة. فأين أحدهما من الآخر؟ فلا نص في تحريم ذلك ولا إجماع ولا قياس صحيح] إعلام الموقعين 3/ 359.

وقال ابن القيم أيضاً: [قالوا: وهذا ضد الربا فإن ذلك يتضمن الزيادة في الأجل و الدَّين وذلك إضرار محض بالغريم ومسألتنا تتضمن براءة ذمة الغريم من الدَّين وانتفاع صاحبه بما يتعجله فكلاهما حصل له الانتفاع من غير ضرر بخلاف الربا المجمع عليه فإن ضرره لاحق بالمدين ونفعه مختص برب الدَّين فهذا من الربا صورة ومعنى] إغاثة اللهفان 2/ 13.

وقد أجاز مجمع الفقه الإسلامي مسألة ضع وتعجل عند بحثه لبيع التقسيط فقد جاء في قرار المجمع ما يلي: [الحطيطة من الدَّين المؤجل لأجل تعجيله سواء أكانت بطلب الدائن أو المدين (ضع وتعجل) جائزة شرعاً لا تدخل في الربا المحرم إذا لم تكن بناءً على اتفاق مسبق وما دامت العلاقة بين الدائن والمدين ثنائية فإذا دخل طرف ثالث لم تجز لأنها تأخذ عندئذ حكم حسم الأوراق التجارية] مجلة مجمع الفقه الإسلامي 7/ 2/218. كما وأجازت هذه المسألة عدد من الهيئات العلمية الشرعية.

- - -******

نقلا من موسوعة البحوث والمقالات العلمية

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير