[حكم تكرار الجماعة في المسجد]
ـ[جهاد حِلِّسْ]ــــــــ[20 - 03 - 08, 03:39 م]ـ
[حكم تكرار الجماعة في المسجد]
إعداد: د. محمد طاهر حكيم
الأستاذ المساعد في الجامعة الإسلامية العالمية في إسلام آباد
المقدمة
الحمد لله والصلاة والسلام علىسيد المرسلين صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وصحبه ومن سار على نهجه إلى يومالدين، وبعد:
فإنالصلاة إحدى أركان الإسلام الخمسة، وأهم دعائم الدين التي لا يقوم بناؤهإلا بها، ولا يرتكز إلا عليها وبها مع أركان الإسلام الأخرى يدخل المرء فيجماعة المسلمين، وقد فرضها الله سبحانه في كتابه فقال سبحانه: {وَأَقِيمُواالصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ} [1] ( http://www.iu.edu.sa/Magazine/120/8.htm#_ftn1) وبين النبي صلى الله عليه وسلم فرضيتها ووضح مكانتها في الدين فقال صلىالله عليه وسلم في حديث معاذ المشهور لما بعثه إلى اليمن: "إنكتأتي قوما من أهل الكتاب فادعهم إلى شهادة أن لا إله إلا الله وأني رسولالله فإن أطاعوا لذلك فأعلمهم أن الله تعالى افترض عليهم خمس صلوات في كليوم وليلة"الحديث [2] ( http://www.iu.edu.sa/Magazine/120/8.htm#_ftn2).
وقد ندب الشارع الناس إلى أداءالصلاة جماعة [3] ( http://www.iu.edu.sa/Magazine/120/8.htm#_ftn3) تعبدا لله وتحقيقاً للتعارف والتآلف والتعاون بين المسلمين، ولغرس معانيالود والمحبة والرحمة في قلوبهم حتى يشعر كل واحد منهم نحو الآخر أنه أخوهيشاركه في آماله وآلامه، هذا بالإضافة إلى مضاعفة الثواب وعموم البركة.
وقداتفق العلماء على أن الجماعة من أوكد العبادات وأجل الطاعات وأعظم شعائرالإسلام، وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم فضلها وحث على حضورها فقالعليه الصلاة والسلام: "صلاة الجماعة أفضل من صلاة الفذ بسبع وعشريندرجة"وفي رواية: "بخمس وعشرين درجة" [4] ( http://www.iu.edu.sa/Magazine/120/8.htm#_ftn4) وقال عليه الصلاة والسلام: "بشّر المشّاءين فيالظلم إلى المساجد بالنور التام يوم القيامة" [5] ( http://www.iu.edu.sa/Magazine/120/8.htm#_ftn5) .
وقالابن مسعود - رضي الله عنه -: "من سره أن يلقى الله تعالى غداً مسلماًفليحافظ على هؤلاء الصلوات، حيث ينادى بهن فإن الله تعالى شرع لنبيكم صلىالله عليه وسلم سنن الهدى، وأنهن من سنن الهدى، ولو أنكم صليتم في بيوتكمكما يصلي هذا المتخلف في بيته لتركتم سنة نبيكم، ولو تركتم سنة نبيكملضللتم … ولقد رأيتنا وما يتخلف عنها إلا منافق معلوم النفاق ... " [6] ( http://www.iu.edu.sa/Magazine/120/8.htm#_ftn6).
إذاكان هذا فضل صلاة الجماعة ومكانتها، فماذا عن حكم إعادة الجماعة وتكرارها، أعني: إذا صلى الإمام الراتب بجماعة، ثم بعد انصرافه حضر أناس فاتتهمالجماعة، فهل لهم أن يصلوا تلك الصلاة جماعة بعد جماعة الإمام الراتب فيالمسجد أم ليس لهم ذلك؟ هذا هو موضوع البحث.
وتكمنأهمية الموضوع - فيما يُرى - في تكرار الجماعة في بعض المساجد بعد جماعةالإمام الراتب، وما يثير ذلك من إشكالات ويترك من آثار على الأمة المسلمةووحدتها وتماسكها، إذ يحتمل أن يكون تأخر بعض هؤلاء إهمالاً وعدم مراعاةلأوقات الصلاة ظنّاً منهم أن بإمكانهم إقامة الجماعة الثانية والثالثة .. ويحتمل أن يكون تخلف طائفة منهم لإظهار بدعتهم وضلالهم وظنهم أنهميقيمونها أفضل مما يقيمها الإمام الراتب، وقد يتخذ بعض الناس من إعادةالجماعة وتكرارها ذريعة لمنابذة الأئمة ومفارقة الجماعة وتفريق كلمةالمسلمين وتمزيق وحدتهم شذر مذر.
كما أن بعضهم قد يكون تأخر عنالجماعة لعذر فيريد أن يصليها جماعة لينال ثوابها كما ينال ثواب الجماعة الأولى.
أمام هذه الاحتمالات والحالاتكان لابد من دراسة هذه المسألة في ضوء نصوص الوحي والمصالح الشرعية لبيان حكمالشرع فيها.
لأجلهذا قمت بإعداد هذا البحث مبيناً فيه تحرير محل الن-زاع وأقوال الفقهاءوأدلتهم؛ ومناقشتها، محاولاً الوصول إلى القول الراجح بعد النظر إلى مقاصدالشرع ومصالحه المعتبرة، في لغة مُيسّرة وعبارة واضحة وأسلوب سهل وفقالمنهج العلمي المتبع - قدر المستطاع - وجعلته بعنوان: (حكم تكرار الجماعةفي المسجد)
ونظراًلطبيعة الموضوع فقد جاء تقسيمه إلى موضوعات متتابعة في إطار المعالجةالموضوعية التي تتطلبها طبيعة البحث والمادة العلمية المتاحة له.
¥