تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فإذا دفعه إلى الزاني والشارب فلا يقوله من يتصور ما يقول، وإن كان من الفقهاء من يقوله فإن في هذا فسادا مضاعفا ...

وأما الصدقة فهي أوجه لكن يقال: هذا التائب أحق به من غيره، ولا ريب إن كان صاحب هذا الباب فقيرا فهو أحق به من غيره من الفقراء وبهذا أفتيت غير مرة ...

وهو إعانة على التوبة، وإن كلف إخراجه تضرر غاية الضرر ولم يتب، ومن تدبر أصول الشرع علم أنه يتلطف بالناس في التوبة بكل طريق.

وأيضا فلا مفسدة في أخذه، فإن المال قد أخذه وخرج عن حكم صاحبه، وعينه ليست محرمة، وإنما حرم لكونه استعين به على محرم، وهذا قد غفر بالتوبة، فيحل له مع الفقر بلا ريب، وأخذ ذلك له مع الغنى وجه وفيه تيسير التوبة على من كسب مثل هذه الأموال.

وأما الربا فإنه قبض برضا صاحبه، والله سبحانه يقول (فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف وأمره إلى الله) ولم يقل فمن أسلم، ولا من تبين له التحريم، بل قال: (فمن جاءه موعظة من ربه) والموعظة تكون لمن علم التحريم أعظم ممن تكون لمن لم يعلمه، قال الله تعالى (يعظكم الله أن تعودوا لمثله أبدا إن كنتم مؤمنين) وقال (أولئك الذين يعلم الله ما في قلوبهم فأعرض عنهم وعظهم وقل لهم في أنفسهم قولا بليغا)

وايضا فهذا وسط بين الغريمين، فإن الغريم المدين ينهى أن يقسط عنه الزيادة، وهذا عنده غاية السعادة، وذاك لا ينهى أن يبقى له ما قبض، وقد عفا الله عما مضى، وأما تكليف هذا إعادة القرض فذلك مثل مطالبة الغريم بما بقي، وكلاهما فيه شطط، وتسلط وشدة عظيمة، فهذا هذا، والله أعلم.

قال عبد السلام: فيأخذ من هذا بأن العالم بالتحريم إذا تاب لا يخلو المال الذي أخذه بطريق محريم من ثلاث أحوال:

الحالة الأولى: الكسب عن طريق الربا، ورأي الشيخ هنا ظاهر في أن التوبة تجب ما قبلها، وأن الآية تشمل مع الكافر المسلم المتأول والجاهل والعالم.

الحالة الثانية: الكسب الذي أخذ في إعانة على محرم، ككسب حامل الخمر والكاهن والبغي، وبائع العصير لمن يتخذه خمرا ونحو ذلك، فرأي الشيخ الصريح في هذا أنه يحل أخذه مع الفقر، أما مع الغنى فهو متردد، وإن كان يميل إلى الحل أيضا.

الحالة الثالثة: أن يكون أخذه عن طريق ظلم الآخرين كالسرقة والغصب فها يعاد إلى صاحبه الذي أخذ منه وإن لم يوجد يصرفه في مصالح المسلمين.

هذا ما تبين لي من كلام الشيخ هنا.

انتهى كلام عبد السلام بن إبراهيم بن محمد الحصين جزاه الله خيرا

القواعد والضوابط الفقهية للمعاملات المالية عند ابن تيمية جمعا ودراسة، دار التأصيل، نصر القاهرة، ط1، 1422هـ _ 2002 م

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير