تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ[ابو عبد الله محمد بن فاروق الحنبلي]ــــــــ[03 - 02 - 09, 09:47 ص]ـ

استكمالا لما سبق (4)

(وأما) هل هذه السبعة الأحرف متفرقة في القرآن فلا شك عندنا في أنها متفرقة فيه بل وفي كل رواية وقراءة باعتبار ما قررناه في وجه كونها سبعة أحرف لا أنها منحصرة في قراءة ختمة وتلاوة رواية، فمن قرأ ولو بعض القرآن بقراءة معينة اشتملت على الأوجه المذكورة فإنه يكون قد قرأ بالأوجه السبعة التي ذكرناها دون أن يكون قرأ بكل الأحرف السبعة (وأما) قول أبي عمرو الداني إن الأحرف السبعة ليست متفرقة في القرآن كلها ولا موجودة فيه في ختمة واحدة بل بعضها. فإذا قرأ القارئ بقراءة من القراآت أو رواية من الروايات فإنما قرأ ببعضها لا بكلها فإنه صحيح على ما أصَّله من أن الأحرف هي اللغات المختلفات ولا شك أنه من قرأ برواية من الروايات لا يمكنه أن يحرك الحرف ويسكنه في حالة واحدة أو يرفعه وينصبه أو يقدمه ويؤخره فدل على صحة ما قاله.

(وأما) كون المصاحف العثمانية مشتملة على جميع الأحرف السبعة فإن هذه مسئلة كبيرة اختلف العلماء فيها: فذهب جماعات من الفقهاء والقراء والمتكلمين إلى أن المصاحف العثمانية مشتملة على جميع الأحرف السبعة وبنوا ذلك على أنه لا يجوز على الأمة أن تهمل نقل شيء من الحروف السبعة التي نزل القرآن بها وقد أجمع الصحابة على نقل المصاحف العثمانية من الصحف التي كتبها أبو بكر وعمر وإرسال كل مصحف منها إلى مصر من أمصار المسلمين وأجمعوا على ترك ما سوى ذلك، قال هؤلاء ولا يجوز أن ينهى عن القراءة ببعض الأحرف السبعة ولا أن يجمعوا على ترك شيء من القرآن، وذهب جماهير العلماء من السلف والخلف وأئمة المسلمين إلى أن هذه المصاحف العثمانية مشتملة على ما يحتمله رسمها من الأحرف السبعة فقط جامعة للعرضة الأخيرة التي عرضها النبي صلى الله عليه وسلم على جبرائيل عليه السلام متضمنة لها لم تترك حرفاً منها

(قلت) وهذا القول هو الذي يظهر صوابه لأن الأحاديث الصحيحة والآثار المشهورة المستفيضة تدل عليه وتشهد له إلا أن له تتمة لا بد من ذكرها نذكرها آخر هذا الفصل (وقد أجيب) عما استشكله أصحاب القول الأول بأجوبة منها ما قاله الإمام المجتهد محمد بن جرير الطبري وغيره وهو أن القراءة على الأحرف السبعة لم تكن واجبة على الأمة وإنما كان ذلك جائزاً لهم ومرخصاً فيه وقد جعل لهم الاختيار في أي حرف قرؤا به كما في الأحاديث الصحيحة، قالوا: فلما رأى الصحابة أن الأمة تفترق وتختلف وتتقاتل إذا لم يجتمعوا على حرف واحد اجتمعوا على ذلك اجتماعاً سائغاً وهم معصومون أن يجتمعوا على ضلالة ولم يكن في ذلك ترك لواجب ولا فعل لمحظور وقال بعضهم إن الترخيص في الأحرف السبعة كان في أول الإسلام لما في المحافظة على حرف واحد من المشقة عليهم أولاً فلما تذللت ألسنتهم بالقراءة وكان اتفاقهم على حرف واحد يسيراً عليهم وهو أوفق لهم أجمعوا على الحرف الذي كان في العرضة الأخيرة وبعضهم يقول أنه نسخ ما سوى ذلك ولذلك نص كثير من العلماء على أن الحروف التي وردت عن أبي وابن مسعود وغيرهما مما يخالف هذه المصاحف منسوخة وأما من يقول إن بعض الصحابة كابن مسعود كان يجيز القراءة بالمعنى فقد كذب عليه إنما قال نظرت القراآت فوجدتهم متقاربين فاقرؤا كما علمتم. نعم كانوا ربما يدخلون التفسير في القراءة إيضاحاً وبياناً لأنهم محققون لما تلقوه عن النبي صلى الله عليه وسلم قرآناً فهم آمنون من الالتباس وربما كان بعضهم يكتبه معه لكن ابن مسعود رضي الله عنه كان يكره ذلك ويمنع منه فروى مسروق عنه أنه كان يكره التفسير في القرآن وروى غيره عنه "جردوا القرآن ولا تلبسوا به ما ليس منه" (قلت) ولا شك أن القرآن نسخ منه وغير فيه في العرضة الأخيرة فقد صح النص بذلك عن غير واحد من الصحابة وروينا بإسناد صحيح عن زر ابن حبيش قال قال لي ابن عباس أي القراءتين تقرأ؟ قلت الأخيرة قال فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعرض القرآن على جبريل عليه السلام في كل عام مرة قال فعرض عليه القرآن في العام الذي قبض فيه النبي صلة الله عليه وسلم مرتين فشهد عبد الله يعني ابن مسعود ما نسخ منه وما بدل. فقراءة عبد الله: الأخيرة. وإذ قد ثبت ذلك فلا إشكال أن الصحابة كتبوا في هذه المصاحف ما تحققوا أنه قرآن وما علموه استقر في

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير