وروى داود بن أبي هند عن الشعبي قال: ((لو لقيت هذا – يعني الحسن – لنهيته عن قوله: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، صحبت ابن عمر ستة أشهر، فما سمعته قال: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم إلا في حديث واحد)).
وروى شعبة عن عبد الله بن صبيح عن محمد بن سيرين قال: ((ثلاثة كانوا يصدقون من حدثهم: أنس، وأبو العالية، والحسن البصري)).
قال الخطيب: ((أراد أنس بن سيرين)). وفيه نظر.
وقال الإمام أحمد ثنا أبو أسامة عن وهيب بن خالد عن خالد الخذاء قال سمعت محمد بن سيرين يقول: كان أربعة يصدقون من حدثهم: أبو العالية، والحسن، وحميد بن هلال، ورجل آخر سماه)).
وقد كان ابن سيرين يقول: ((سلوا الحسن ممن سمع حديث العقيقة، وسلوا الحسن ممن سمع حديث: ((عمار تقتله الفئة الباغية)).
وقال أحمد في رواية الفضل بن زياد: ((مرسلات سعيد بن المسيب أصح المرسلات، ومرسلات إبراهيم لا بأس بها، وليس في المرسلات أضعف من مراسيل الحسن وعطاء بن أبي رباح، فإنهما يخذان عن كل)).
وقال أحمد في رواية الميموني وحنبل عنه: ((مرسلات سعيد ابن المسيب صحاح لا نرى أصح من مرسلاته. زاد الميموني: وأما الحسن وعطاء فليس هي بذاك. هي أضعف المراسيل كلها. فإنهما كانا يأخذان عن كل)).
وقال ابن سعد: ((قالوا: ما أرسل الحسن ولم يسند فليس بحجة)).
وقال أحمد في رواية ابنه عبد الله: ((ابن جريج كان لا يبالي من أين يأخذ، وبعض أحاديثه التي يرسلها يقول: ((أُخبرت عن فلان)) موضوعة)).
وممن تكلم من السلف في المراسيل ابن سيرين، وقد تقدم قوله: ((كانوا لا يسألون عن الإسناد حتى وقعت الفتنة)).
وقوله لما حدث عن أبي قلابة: ((أبو قلابة رجل صالح، ولكن عمن أخذه أبو قلابة)).
وكذلك تقدم قول ابن المبارك لما روي له حديث عن الحجاج بن دينار عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((بين الحجاج بن دينار وبين النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم مفوز تنقطع فيها أعناق الإبل)).
وقد سبق كلام شعبة ويحيى القطان.
وذلك ذكر أصحاب الشافعي أن مذهبه أن المراسيل ليست حجة.
واستثنى بعضهم مراسيل ابن المسيب. وقال: ((هي حجة عنده)).
قال أبو الطيب الطبري: ((وعلى ذلك يدل كلام الشافعي)).
ومن أصحابه من قال: ((إنما تصلح للترجيح لا غير)).
وقال يونس بن عبد الأعلى: قال لي الشافعي: ((ليس المنقطع بشئ، ما عدا منقطع ابن المسيب)). خرجه ابن أبي حاتم في أول كتاب المراسيل عن أبيه عن يونس، وناوله على أن مراده أنه يعتبر بمرسل سعيد بن المسيب.
وخرجه عبد الغني بن سعيد من طريق محمد بن سفيان بن سعيد المؤذن عن يونس به.
قال ابن أبي حاتم: وسمعت أبي وأبا زرعة يقولان: ((لا يحتج إلا بالمراسيل، ولا تقوم الحجة إلا بالأسانيد الصحاح)).
وكذلك قال الدار قطني: ((المرسل لا تقوم به حجة)).
وخرّج مسلم في مقدمة كتابه من طريق بن سعد عن مجاهد قال: ((جاء بشير بن كعب العدوي إلى ابن عباس فجعل يحدث ويقول: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فجعل ابن عباس لا يأذن لحديثه، ولا ينظر إليه. فقال: يا ابن عباس مالي أراك لا تسمع لحديثي، أحدثك عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ولا تسمع! فقال ابن عباس: ((إنا كنا مرة إذا سمعنا رجلاً يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ابتدرته أبصارنا وأصغينا إليه بآذاننا، فلما ركب الناس الصعبة والذلول لم نأخذ من الناس إلا ما نعرف)).
ثم قال مسلم في أثناء كلامه: ((المرسل في أصل قولنا وقول أهل العلم بالأخبار ليس بحجة)).
القول الثاني في المسألة: الاحتجاج بالمرسل:
وحكاه الترمذي عن بعض أهل العلم، وذكر كلام إبراهيم النخعي: ((أنه كان إذا أرسل فقد حدثه به غير واحد. وإن أسند لم يكن عنده إلا عمن سماه)).
وهذا يقتضي ترجيح المرسل على المسند، لكن عن النخعي خاصة فيما أرسله عن ابن مسعود خاصة
وقد قال أحمد في مراسيل النخعي: ((لا بأس بها)).
وقال ابن معين: ((مرسلات المسيب أحب إلىّ من مرسلات الحسن، ومرسلات إبراهيم صحيحه إلا حديث تاجر البحرين، وحديث الضحك في الصلاة)).
¥