ثَالِثاً: وَإنَّ عَجَبِي لا يَكَادُ يَنْتَهِي مِنْ هَذَا الباحث مِنْ قَوْلِهِ: وَلَوْ كَانَتِ الْمُزْدَلِفَةُ تَبْدَأُ مِنْ قَبْلِ ذَلِكَ؛لأوْقَدُوا النَّارَ عِنْدَهَا، يَا لِلعَجَبِ وَكَأَنَّ الْمُشْرِكِينَ الوَثَنِيينَ أهَلَ الْجَاهِلِيَّةِ،حَرِيصُونَ عَلَى تَحْدِيدِ الْمَشَاعِرِ بِالدِّقَةِ،حَتَّى لا يُخْطئَ النَّاسُ حَجَّهُمْ.
وَقَدْ مَلؤوا بيت اللَّهِ بِالأصْنَامِ، وَغَيَّرُوا مَعَالِمَ دِينِ إبْرَاهِيْمَ الْخَلِيلِ- عَلَيْهِ السَّلامُ- وَبدَّلُوا أَكْثَرَ شَعَائِرِ حَجِّ بَيْتِ اللَّهِ الْحَرَامِ. مَا الَّذِي أحْوَجَكَ إِلَى هَذَا الكَلامِ؟!!
فَاتَّقِ اللَّهَ رَبَّ الأَنَّامِ، وَخُذْ بِقَوْلِ وَفِعْلِ الصَّحَابَةِ الَكِرَامِ، وَنَصِّ عَطَاءٍ الإمَامِ، وَدَعْ عَنْكَ مُحْدَثَاتِ الْجَاهِلِيَّةِ فَمَا هِيَ لأهَلِ الإسْلامِ بِإمَامٍ.
ثُمَّ قَالَ الباحث أَيْضاً، وَأخْرَجَ الأزْرَقِيُّ عَنْ إسْحَاقَ بنِ عَبْدِ اللَّهِ بنِ خَارِجَةَ عَنْ أبِيهِ قَالَ لَمَّا أفَاضَ سُلَيمَانُ بنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بنِ مَرْوَانٍ مِنْ الْمَأزمَينِ نَظَرَ إِلَى النَّارِ التِي عَلَى قَزَحٍ فَقَالَ لِخَارِجَةَ بنِ زَيْدٍ: يَا أبَا زَيْدٍ مَنْ أوَّلُ مَنْ وَضَعَ النَّارَ هُنَا؟ قَالَ خَارِجَةُ: كَانَت في الجَّاهِلِيَّة وَضَعَتْهَا قُرَيشٌ ... الكَلامُ بِطُوْلِهِ.
وَأَقُولُ: لا أدْرِي أَيْنَ غَابَ تَحْقِيقُكَ وَتَدْقِيقُكَ،الذِي جَعَلَكَ تَكْتَشِفُ، أَنَّ الأثَرَ الأوَّلَ
فِي رِسَالَتِي، لَيْسَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بنِ عُمَرَ الصَّحَابِيِّ، وَإنَّمَا عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بنِ عَمْرٍو الصَّحَابِي، وَتَأْتِي هُنَا تَسْتَدِلُّ بِهَذَا الأثَرِ الْمَكْذُوبِ بهذا السَّنَدِ الْمَتْرُوكِ.
فأثَرُكَ هَذَا أخْرَجَهُ الأزْرَقِيُّ، وَقَدْ ضَعَّفْتَهُ أَنْتَ فِيمَا سَبَقَ مِنْ كَلامِكَ، عَنْ مُحَمَدٍ بنِ عَمْرٍ الوَاقِدِيِّ، وَهُوَ مَتْرُوكٌ عِنْدَ أهْلِ الْحَدِيثِ،ثُمَّ مِنْ إسْحَاقَ بنِ عَبْدِ اللَّهِ بنِ خَارِجَةَ
يَا أُسْتَاذُ؟!! فَهَنِيئاً لَكَ إِذَنْ بِمِثْلِ هَذِهِ الأدِلَّةِ. وَاللَّهُ الموَفِّق
ـــــــــــــــــــــ
9/ذكرته فِي بحثي عَنْ مُزْدَلِفَة (ص42).
الخاتمة
الْحَمْدُ لِلَّهِ .... وَبَعْدُ: فإنَِّي أَشْكُرُ بَاحِثَنَا الَكَرِيمَ عَلَى تَعْقيِبَاتِهِ هَذِهِ، وَأَحْسَبُ أنَّهُ كَتَبَهَا بَحْثاً عِلميَّاً حُراً؛ طَلَبَاً لِلحَقِّ، وَرَغْبَةً فِي الوصُولِ إِلَى الصَّوَابِ، فإحْسَانُ الظَّنِّ بِالمسْلِمِ وَاجِبٌ. وَإنَّ تَعْقِيَبات بَاحِثنَا الَكَرِيم لمَا زَادَتْنِي يَقِيناً وَقَنَاعَةً بِصَوَابِ مَا ذَهَبْتُ إِلَيْهِ، وَحرَّرْتُهُ فِي رِسَالَتِي عَنْ مُزْدَلِفَةَ مِنْ بياَنِ حُدُودِهَا خَاصَّةً مِنْ جِهَةِ الشْرق.
فَإِذَا كَاَنَ هَذَا البَاحِثُ مَعَ مَا يَمْلِكُ مِنْ آلةٍ عِلْمِيَّةٍ، وَمع حِرْصِهِ الشَّدِيدِ عَلَى التَّعَقُبِ وَالتَتَبُّعِ يَكُونُ هَذَا مُنْتَهَى مَا وَصَلَ إِلَيْهِ، وَهَذَا مُنْتَهَى اعْتِرَاضَاتِه ِ، فَإنَّ هَذَا وَالحَمْدُ لِلَّهِ لَدَلِيلٌ عَلَى صَوَابِ مَا ذَهَبْتُ إِلَيْهِ، كَمَا كَشَفْتُ عَنْ تَعَقُّبَاتِهِ، فِيمَا كَتَبْتُهُ فِي هَذِهِ الأوْرَاقِ.
ثُمَّ إنِّي أَقُولُ: إنَّ أيَّ مَسْألَةٍ مِنْ مَسَائلِ العِلْمِ يَكُونُ فِيهَا خِلافٌ عَلَى قوَلينِ مثلاً، فعَلَى مَنْ نَصَرَ أحَدَ القولينِ أَنْ يَذْكُرَ أدِلَّتَهُ،وَيُحَرِّرَهَا أوَّلاً ثُمَّ يُجِيبُ عَمَّا رُبَّمَا يُعَارِضُهَا ثَانِياً، هَذِهِ هِيَ القَاعِدةُ المِنْهَجِيَّةُ العِلْمِيَّةُ التِي يَجِبُ أَنْ نسَيْرَ عَلَيْهَا. وَهِيَ مَا سَار عَلَيْهَا أئِمَّةُ العِلْمِ مُنْذُ القِدَم ِ. فَقَدْ نَصَرْتُ أَنَّ حُدُودَهَا أوْسَعُ بِكَثِيرٍ مِمَا هِيَ عَلَيْهِ الآَنَ،وَأَنَّها تبْدَأُ مِنْ بَعْدِ وَادِي عُرَنةَ إِلَى مُحَسِرٍ، ثُمَّ سُقْتُ أدِلََّتي عَلَى ذَلِكَ، وَهِيَ وَالحَمْدُ لِلَّهِ خَمْسَةُ آثَارٍ عَنْ عَبْدِ الله بنِ عَمَرَ الخَطَّابِ،وَأثَرٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بنِ عُمَرٍو بنِ العَاص ِ. وَأثَرٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بنِ العَبَاسِ، وَآخَرٌ عَنْ عَبْدِ
¥