(هَذَا مَا حَاوَلَ بِهِ البَاحِثُ المَذْكُورُ رَدَّ دَلالَةَ هَذِهِ الآثَارِ جَمِيعِهَا، فاَنْظُر الآنَ أيُّهَا القَارِئُ الَكَرِيمُ بِمَاذَا يَسْتَدِلُّ.قَالَ: (جَاءَ فِي تَبْيينِ الحَقَائِقِ (2/ 27): وَمِنْ عَرَفَاتٍ إِلَى مُزْدَلِفَةَ فَرْسَخٌ، وَمِنْ مُزْدَلِفَةَ إِلَى مِنْى فَرْسَخٌ وَمِنْ مِنْى إِلَى مَكَّةَ فَرْسَخٌ وَالفَرْسَخُ ثَلاثَةُ أَمْيالٍ.فِي مُعْجَمِ الفُقَهَاءِ الفَرْسَخُ 3 أَمْيالٍ =1200 ذراعاً =5544 مِتْراً) انْتَهَى.
هَكَذَا نَقَلَ البَاحِثُ ثُمَّّّّّ اسْتَدَلَّ بِهِذَا فقَالَ: (فهَذَا يَدُلُّ عَلَى بُعْدِ المَسَافَةِ بَيْنَ عَرَفَةَ وَمُزْدَلِفَةَ وَأَنَّها نَحْوَ الفَْرسَخِ، وَلَيْسَتْ نِصْفَ كَيلُو، كَمَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الشَّيْخُ الحُمَِيدِيُّ).
وَيَقُولُ الحُمَيدِيُّ- مُسْتَعِيناً باللَّهِ وَحْدَهُ-: يا لِلَّهِ ويا للعَجَبِ، يَتْرُكُ هَذَا البَاحِثُ تِلكَ الآثارَ وَيَرُدُّهَا، ا وَيَطْعَنُ فِي دَلالَتِهَا مَعَ وضُوحِهَا، وَمَعَ صِحَّةِ تِلكَ الآثَارِ، وَأَنَّه لَمْ يَرُدّهَا بِمَا يَسْتَحِقُّ الرَّدَّ، ثُمَّ يَحْتَجُّ بِكَلامِ صَاحِبِ تَبْيينِ الحَقَائِقِ.
مَنْ صَاحِبُ تَبْيينِ ِالحَقَائِقِ يَا أُسْتَاذُ؟!
وهل بعثه النبي صلى الله عليه وسلم ليقيس المسافات بين المشاعر ويصبح كلامه حجة؟!
ثُمَّ لَما كَانَ هَمُّ البَاحِثَِ أَنْ يَرُدَّ عَلَيَّ؛ وَقَعَ فِي خَطَإٍ فَادِحٍ.
فَقَدْ قَرَّرَ بِنَاءاً عَلَى كَلامِ صَاحِبِ تَبْيينِ الحَقَائِقِ أنَّ المَسَافَة بَيْنَ عَرَفَةَ وَمُزْدَلِفَةَ (5544)
مِتْراً أي خَمْسَةُ كِيلُو مِتْرٍ وَنِصْفٌ،وَلَكَنَّ صَاحِبِ تَبْيين الحَقَائِقِ يَا أُسْتَاذُ قَالَ: إنَّ المَسَافَةَ بَيْنَ مُزْدَلِفَة ومنى فَرْسَخٌ كذلك: أي أَنَّ المَسَافَةَ بَيْنَ مُزْدَلِفَةَ وَمِنْى، هِيَ نَفْسُ المَسَافَةِ بَيْنَ عَرَفَةَ وَمُزْدَلِفَةَ (5544) خَمْسَةُ كِيلُو مِتْرٍ وَنِصْفٌ , فَهَلْ يَقُولُ: عَاقِلٌ بِهَذَا؟! هَلْ المَسَافَةُ عِنْدك يَا أُسْتَاذُ بين مزدلفة ومنى خَمْسَة ُكِيلُو وَنِصْف ٌ؟!!!
إَنَّ المَسَافَةَ بَيْنَ مُزْدَلِفَةَ وَمِنْى، هِيَ وَادِي مُحَسِرٍ فَقَط،وَهوَ نَحْوَ 300 مِتْرٍ أوَ 400 مِتْرٍ أوَ 500مِتْرٍ أوَ أَكْثَرُ قَلِيلاً.
إنَّ مِنْى كُلَّهَا مِنْ أَوََّلِهَا إلَى أَخِرهَا، لاتَصِلُ لِهَذِهِ المَسَافَةِ فَإِذَا كَاَنَ هَذَا خَطَأً فَمَا قَبْلَهُ خَطَأٌ أَيْضاً، أَمْ أَنَّ أوَّلَ الكَلامِ- لأَنَّه رَاقَ لَكَ- صَحِيح ٌ, وَأخِرَهُ غَيْرُ صَحِيحٍ؟!!
وَكُنْتُ أَظُنُّ أَنَّ البَاحِثَ، ذَكَرَ هَذَا اسْتَطْرَاداً، وَجَرَى بِهِ قَلَمُهُ، وَلَكَنَّهُ عَادَ بَعْدَ ذَلِكَ وَنَقَلَ نَفْسَ الكَلامِ عَنْ صَاحِبِ تَبْيينِ الحَقَائِقِ الزَيْلَعِيِّ المُتَوَفَى سَنَةَ 743هـ , وَزَادَ قَائِلاً (يَعْنِي قَرَابَةَ خَمْسَةَ كِيلُو مِتْرٍ وَنِصْفَ الَكِيلُو. وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى خِلافَ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الشَّيْخُ مِنْ كَونِهَا لا تَبْعُدُ إلا نَحْوَ نِصْفِ الَكِيلُو).فَإِذَنْ تَلْتَزِمُ أَنَّ َ بَيْنَ مُزْدَلِفَةَ وَمِنْى هِيَ أَيْضاً خَمْسَةُ كِيلُو مِتْرٍ وَنِصْفُ الَكِيلُو.وَلَيْسَتْ فَقَط عَرْضَ وَادِي مُحَسِرٍ الذِي لا يَتَعَدَّى النِّصْفَ كِيلُو فِي أَكْثَرِ الأَحْيَانِ. وَهَذَا يَعَنْى أَنَّ تُصْبِحَ مِنْى كُلَّهَا لَيْسَتْ مِنْى , وَإنَّمَا هِيَ فَاصِلٌ بَيْنَ مُزْدَلِفَةَ وَمِنْى. فَأَيْنَ مِنْى إِذَنْ؟!!!)
انتهى
وغاب عن الشيخ - وفقه الله ونفع به - أن هذا قول الأئمة قبل الزيلعي
قال النووي في المجموع
(واعلم أن بين مكة ومنى مسافة فرسخ , هو ثلاثة أميال. ومن منى [ص: 148] إلى مزدلفة فرسخ , ومن مزدلفة إلى عرفات فرسخ , وقال إمام الحرمين والرافعي: بين مكة ومنى فرسخان , والصواب فرسخ فقط. كذا قاله الأزرقي والمحققون في هذا الفن. والله أعلم.)
انتهى
وفي العزيز شرح الوجيز للرافعي
((واعلم) أن من مكة إلى منى فرسخان
ومن منى إلى عرفات فرسخان ومزدلفة متوسطة بين منى وعرفات منها إلى كل واحدة منهما فرسخ ولا يقفون بها في مسيرهم من منى الي عرفات)
انتهى
وفي روضة الطالبين
¥