تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

لقد بقيت الجمار على ما كانت عليه في الزمن الأول حيث لم يغير فيها شيء يذكر، وأول ما وقفت عليه من التغيير ما ذكره الأزرقي من أن جمرة العقبة في زمن الخليفة العباسي المتوكل ((أزالها جهال الناس برميهم الحصى، وغفل عنها حتى أزيحت عن موضعها شيئاً يسيراً منها من فوقها فردها إلى موضعها الذي لم تزل عليه، وبنى من ورائها جدارا أعلاه عليها ومسجدا متصلا بذلك الجدار لئلا يصل إليها من يريد الرمي من أعلاها)) (1).

وأما الأحواض التي على الجمار فإن أول حدوثها كان عام واحد وتسعين ومائتين وألف من الهجرة (1291هـ)، وذلك بشباك حديدي، كان الغرض منه دفع الزحمة عن جمرة العقبة، لا لتحديد مكان الرمي (2).

وقد اعترض على ذلك الشيخ علي باصبرين (3)، فقال: ((إن المقصود من وضع ذاك الشباك رفع معظم زحمة الرامين، وهو حسن غير أنه بالتحويط بذلك الشباك على ما يعتبر فيه الرمي وما لا يعتبر يحصل إيهام العوام، فيتوهمون أن جميع ما أحاط بذلك مرمى، وليس الأمر كذلك، ودرء المفاسد مقدم على جلب المصالح)). واقترح لمعالجة ذلك ((إحداث شباك ثان من حديد، يكون بقدر منصوص المرمى المتفق عليه)) وكذلك أن يوضع ((دكة مرتفعة على المرمى المذكور بخصوصه ليميز من غيره مما أحاط بالشباك الحادث من الأرض التي لا يجزئ الرمي فيها، وإما بإزالة هذا الشباك الحادث الموهم)) (4).


(1) …أخبار مكة للأزرقي (1/ 303).
(2) …مجلة العرب، العدد (7 - 8)، سنة 22، ص470، حدود حمى المشاعر، لشيخنا عبد الله البسام.
(3) وهو علي بن أحمد بن سعيد باصبرين، فقيه شافعي، من حضرموت سكن جدة له مؤلفات نافعة، توفي عام (1304هـ). ينظر: الإعلام للزركلي 4/ 260.
(4) …مجلة العرب، العدد (7 - 8)، سنة 22، ص471 - 472، حدود حمى المشاعر، لشيخنا عبد الله البسام.
وبعد ذلك أزيل الشباك محل الاعتراض وبنيت أحواض حول الجمار الثلاث، وذلك في عام اثنين وتسعين و مئتين وألف من الهجرة (1292هـ)، ثم بقيت الحال على هذا حتى تجددت الحاجة لبحث الأمر وذلك لكثرة عدد الحجيج وشدة الزحام الحاصل عند رمي الجمرات.
وبناء على ذلك فقد تقدمت اللجنة العليا للحج باقتراح بناء حوض خارجي عن الحوض الحالي للجمار مع بقاء الحوض الأول؛ ليجتمع فيه الحصى الذي لا يستوعبه الحوض الأول. وأحيل إلى هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية التي أعدت دراسة كان من نتائجها النقاط التالية:
((1 - أن الأصل في تحديد المشاعر التوقيف، ومن نظائر ذلك أوقات الصلوات الخمس.
2 - مما يدل على بقاء الوضع الحالي للجمار باعتبار المساحة استصحاب العكس.
3 - لا يجوز بناء حوض خارجي أوسع من الحالي بناء على قاعدة سد الذرائع)) (1).
ومن الجدير بالذكر أنه لم يصدر عن مجلس هيئة كبار العلماء رأي في ذلك فقد جاء في قرار رقم (111): ((ورأت بالاتفاق أن يؤجل النظر فيه، والبت في حكمه إلى دورة أخرى حتى يصل الرسم الهندسي لهذا العمل، والذي سبق أن طلبته الأمانة العامة لهيئة كبار العلماء؛ لتعرف الهيئة منه تفاصيل الأمر المطلوب. وهل يحقق هذا الاقتراح مصلحة من غير استلزام مفسدة أم لا؟)) (2).
ولم أقف على قرار للهيئة بعد ذلك، ثم بعد تكرر الحوادث عند الجمرات وكثرة الوفيات والإصابات والتضرر بالزحام عندها جرى توسيع أحواض الجمرات عام خمس وعشرين وأربعمائة وألف من الهجرة (1425هـ) فتحول الحوض الذي كان دائريا إلى ما يقرب من الشكل البيضاوي, مع المحافظة على أن تقع الجمار في مكان الرمي المعهود وهو مجتمع الحصى.

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير