تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أمّا الاحتجاج بعموم قوله صلى الله عليه وسلَّم «نَبْدَأُ بِمَا بَدَأَ اللهُ بِه» به على وجوب الترتيب، فنقول هذا يتوجّه لو لم يصحّ حديث المقدام وحديث الربيع بنت معوذ، وعليه يحمل كلام القائلين بوجوب الترتيب إذ قال: إنّ الوضوء يغلب فيه التعبّد والاتّباع، لأنّا إذا أوجبنا الترتيب في الصلاة للاتّباع مع أنّنا نعلم أنّ المقصود منها الخشوع والابتهال إلى الله تعالى فلم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلَّم ولا أحد من أصحابه رضي الله عنهم تنكيس الوضوء ولا التخيير فيه والتنبيه على جوازه. ولم يؤثر عن فعل علماء المسلمين وعامّتهم إلاّ الترتيب، كما لم ينقل في أركان الصلاة إلاّ الترتيب وطريقهما الاتّباع، أمّا مع صحّة حديثي المقدام والربيع الذين هما نصّ في عدم وجوب الترتيب مطلقًا فإنّ الطريقة المثلى هي الجمع بين هذه الأحاديث فيقال: إنّه صلى الله عليه وسلَّم أخّر المضمضة في هذين الحديثين لبيان الجواز فيكون هذا في حكم المخصّص لما تقدّم في الترتيب بين أعضاء الوضوء. وهذا ما قاله الشوكانيّ وغيره من أصحاب القول الثاني.

ومع هذا كلّه ينبغي على المتوضّئ أن يحسن وضوءه كما قال عليه الصلاة والسلام: «لاَ يَتَوَضَّأُ رَجُلٌ مُسْلِمٌ فَيُحْسِنُ الوُضُوءَ فَيُصَلِّي صَلاَةً إِلاَّ غَفَرَ اللهُ لَهُ مَابَيْنَهُ وَبَيْنَ الصَّلاَةِ الَّتِي قَبْلَهَا» رواه مسلم، وهو أن يأتيَ به تامًّا بكمال صفته وآدابه وأن يحرص على الاعتناء بتعلّم آداب الوضوء وشروطه والعمل بذلك والاحتياط فيه.

وأيضًا الحرص على أن يتوضّأ على وجه يصحّ عند جميع العلماء ولا يترخّص بالاختلاف، فينبغي أن يحرص على التسمية والنية والمضمضة والاستنشاق والاستنثار واستيعاب مسح الرأس ومسح الأذنين ودَلْك الأعضاء والتتابع في الوضوء وترتيبه وغير ذلك من المختلف فيه وتحصيل ماء طهور بالإجماع.

والله تعالى أعلم.

ــــــــــــــــــ

(1) انظر: «اللسان» لابن منظور (1117/ 2)، «أساس البلاغة» (ص:153)، و «مختار الصحاح» (ص 18).

(2) انظر: «المجموع شرح المهذّب» للنووي (443/ 1)، و «الاشراف» لابن المنذر (111/ 1).

(3) انظر: «المغني» لابن قدامة (156/ 1)، و «الإنصاف» للمرداوي (138/ 1).

(4) انظر: «المقدّمات» لابن رشد الجدّ (17/ 1)، و «البداية» لابن رشد الحفيد (75/ 1،290).

(5) انظر: «المبسوط» للسرخسي (55/ 1)، و «البدائع» للكاساني (21/ 1)، و «المختصر» للطحاويّ (ص 18).

(6) انظر: «المقدّمات» لابن رشد الجدّ (16/ 1)، و «البداية» لابن رشد (75/ 1)، و «التفريع» لابن جلاّب (192/ 1)، و «تهذيب المسالك» للفندلاوي (68/ 1).

(7) انظر: «المجموع» للنووي (443/ 1) و «الإشراف» لابن المنذر (111/ 1).

(8) انظر: «البيان والتحصيل» لابن رشد (119/ 1).

المصدر ( http://www.rayatalislah.com/dirassat-wa-bouhouth/articles/houkm-tartib-faraidh-el-woudu.htm)

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير