تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

سنة مؤكدة فقط وهذا هو المعروف عن أصحاب أبي حنيفة وأكثر أصحاب مالك وكثير من أصحاب الشافعي ويذكر رواية عن أحمد. وقيل: هي واجبة على الكفاية وهذا هو المرجح في مذهب الشافعي وقول بعض أصحاب مالك وقول في مذهب أحمد. وقيل هي واجبة على الأعيان؛ وهذا هو المنصوص عن أحمد وغيره من أئمة السلف وفقهاء الحديث وغيرهم. وهؤلاء تنازعوا فيما إذا صلى منفردا لغير عذر هل تصح صلاته؟ على قولين؟ (أحدهما لا تصح وهو قول طائفة من قدماء أصحاب أحمد ذكره القاضي أبو يعلى في شرح المذهب عنهم وبعض متأخريهم كابن عقيل وهو قول طائفة من السلف واختاره ابن حزم وغيره. (والثاني تصح مع إثمه بالترك وهذا هو المأثور عن أحمد وقول أكثر أصحابه. والذين نفوا الوجوب احتجوا بتفضيل النبي صلى الله عليه وسلم صلاة الجماعة على صلاة الرجل وحده. قالوا: ولو كانت واجبة لم تصح صلاة المنفرد ولم يكن هناك تفضيل وحملوا ما جاء من هم النبي صلى الله عليه وسلم بالتحريق على من ترك الجمعة أو على المنافقين الذين كانوا يتخلفون عن الجماعة مع النفاق وإن تحريقهم كان لأجل النفاق لا لأجل ترك الجماعة مع الصلاة في البيوت. وأما الموجبون: فاحتجوا بالكتاب والسنة والآثار. (أما الكتاب فقوله تعالى: {وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة فلتقم طائفة منهم معك} الآية. وفيها دليلان: (أحدهما أنه أمرهم بصلاة الجماعة معه في صلاة الخوف وذلك دليل على وجوبها حال الخوف وهو يدل بطريق الأولى على وجوبها حال الأمن. (الثاني: أنه سن صلاة الخوف جماعة وسوغ فيها ما لا يجوز لغير عذر. كاستدبار القبلة والعمل الكثير فإنه لا يجوز لغير عذر بالاتفاق وكذلك مفارقة الإمام قبل السلام عند الجمهور وكذلك التخلف عن متابعة الإمام كما يتأخر الصف المؤخر بعد ركوعه مع الإمام إذا كان العدو أمامهم. قالوا: وهذه الأمور تبطل الصلاة لو فعلت لغير عذر فلو لم تكن الجماعة واجبة بل مستحبة لكان قد التزم فعل محظور مبطل للصلاة وتركت المتابعة الواجبة في الصلاة لأجل فعل مستحب مع أنه قد كان من الممكن أن يصلوا وحدانا صلاة تامة فعلم أنها واجبة. وأيضا فقوله تعالى: {وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة واركعوا مع الراكعين} إما أن يراد به المقارنة بالفعل وهي الصلاة جماعة. وإما أن يراد به ما يراد بقوله: {وكونوا مع الصادقين} فإن أريد الثاني لم يكن فرق بين قوله: صلوا مع المصلين وصوموا مع الصائمين {واركعوا مع الراكعين} والسياق يدل على اختصاص الركوع بذلك. فإن قيل: فالصلاة كلها تفعل مع الجماعة. قيل: خص الركوع بالذكر لأنه تدرك به الصلاة فمن أدرك الركعة فقد أدرك السجدة فأمر بما يدرك به الركعة كما قال لمريم: {اقنتي لربك واسجدي واركعي مع الراكعين} فإنه لو قيل: اقنتي مع القانتين لدل على وجوب إدراك القيام ولو قيل: اسجدي لم يدل على وجوب إدراك الركوع بخلاف قوله: {واركعي مع الراكعين} فإنه يدل على الأمر بإدراك الركوع وما بعده دون ما قبله وهو المطلوب. (وأما السنة فالأحاديث المستفيضة في الباب: مثل حديث أبي هريرة المتفق عليه عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: " {لقد هممت أن آمر بالصلاة فتقام ثم آمر رجلا فيصلي بالناس ثم أنطلق إلى قوم لا يشهدون الصلاة: فأحرق عليهم بيوتهم بالنار} فهم بتحريق من لم يشهد الصلاة وفي لفظ قال: " {أثقل الصلاة على المنافقين صلاة العشاء والفجر ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حبوا ولقد هممت أن آمر بالصلاة فتقام} الحديث. وفي المسند وغيره " {لولا ما في البيوت من النساء والذرية لأمرت أن تقام الصلاة} الحديث. فبين صلى الله عليه وسلم أنه هم بتحريق البيوت على من لم يشهد الصلاة وبين أنه إنما منعه من ذلك من فيها من النساء والذرية فإنهم لا يجب عليهم شهود الصلاة وفي تحريق البيوت قتل من لا يجوز قتله وكان ذلك بمنزلة إقامة الحد على الحبلى. وقد قال سبحانه وتعالى: {ولولا رجال مؤمنون ونساء مؤمنات لم تعلموهم أن تطئوهم فتصيبكم منهم معرة بغير علم ليدخل الله في رحمته من يشاء لو تزيلوا لعذبنا الذين كفروا منهم عذابا أليما}. ومن حمل ذلك على ترك شهود الجمعة فسياق الحديث يبين ضعف قوله حيث ذكر صلاة العشاء والفجر ثم أتبع ذلك بهمه بتحريق من لم يشهد الصلاة. وأما

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير