تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

من حمل العقوبة على النفاق لا على ترك الصلاة فقوله ضعيف لأوجه: (أحدها أن النبي صلى الله عليه وسلم ما كان يقيل المنافقين إلا على الأمور الباطنة وإنما يعاقبهم على ما يظهر منهم من ترك واجب أو فعل محرم فلولا أن في ذلك ترك واجب لما حرقهم. (الثاني أنه رتب العقوبة على ترك شهود الصلاة فيجب ربط الحكم بالسبب الذي ذكره. (الثالث أنه سيأتي إن شاء الله حديث ابن أم مكتوم حيث استأذنه أن يصلي في بيته فلم يأذن له وابن أم مكتوم رجل مؤمن من خيار المؤمنين أثنى عليه القرآن وكان النبي صلى الله عليه وسلم يستخلفه على المدينة وكان يؤذن للنبي صلى الله عليه وسلم. (الرابع أن ذلك حجة على وجوبها أيضا: كما قد ثبت في صحيح مسلم وغيره عن عبد الله بن مسعود أنه قال: " {من سره أن يلقى الله غدا مسلما فليصل هذه الصلوات الخمس حيث ينادى بهن؛ فإن الله شرع لنبيه سنن الهدى وأن هذه الصلوات الخمس في المساجد التي ينادى بهن من سنن الهدى وأنكم لو صليتم في بيوتكم كما صلى هذا المتخلف في بيته لتركتم سنة نبيكم ولو تركتم سنة نبيكم لضللتم ولقد رأيتنا وما يتخلف عنها إلا منافق معلوم النفاق ولقد كان الرجل يؤتى به يهادى بين الرجلين حتى يقام في الصف}. فقد أخبر عبد الله بن مسعود أنه لم يكن يتخلف عنها إلا منافق معلوم النفاق وهذا دليل على استقرار وجوبها عند المؤمنين ولم يعلموا ذلك إلا من جهة النبي صلى الله عليه وسلم إذ لو كانت عندهم مستحبة كقيام الليل والتطوعات التي مع الفرائض وصلاة الضحى ونحو ذلك. كان منهم من يفعلها ومنهم من لا يفعلها مع إيمانه كما {قال له الأعرابي: والله لا أزيد على ذلك ولا أنقص منه. فقال: أفلح إن صدق} ومعلوم أن كل أمر كان لا يتخلف عنه إلا منافق كان واجبا على الأعيان كخروجهم إلى غزوة تبوك فإن النبي صلى الله عليه وسلم أمر به المسلمين جميعا لم يأذن لأحد في التخلف إلا من ذكر أن له عذرا فأذن له لأجل عذره. ثم لما رجع كشف الله أسرار المنافقين وهتك أستارهم وبين أنهم تخلفوا لغير عذر.

والذين تخلفوا لغير عذر مع الإيمان عوقبوا بالهجر حتى هجران نسائهم لهم حتى تاب الله عليهم. (فإن قيل فأنتم اليوم تحكمون بنفاق من تخلف عنها وتجوزون تحريق البيوت عليه إذا لم يكن فيها ذرية. قيل له: من الأفعال ما يكون واجبا ولكن تأويل المتأول يسقط الحد عنه وقد صار اليوم كثير ممن هو مؤمن لا يراها واجبة عليه فيتركها متأولا وفي زمن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن لأحد تأويل لأن النبي صلى الله عليه وسلم قد باشرهم بالإيجاب. وأيضا كما ثبت في الصحيح والسنن: " {أن أعمى استأذن النبي صلى الله عليه وسلم أن يصلي في بيته فأذن له فلما ولى دعاه فقال: هل تسمع النداء؟ قال: نعم قال: فأجب} فأمره بالإجابة إذا سمع النداء؛ ولهذا أوجب أحمد الجماعة على من سمع النداء. وفي لفظ في السنن " {أن ابن أم مكتوم قال يا رسول الله: إني رجل شاسع الدار وإن المدينة كثيرة الهوام ولي قائد لا يلائمني فهل تجد لي رخصة أن أصلي في بيتي؟ فقال: هل تسمع النداء؟ قال: نعم قال: لا أجد لك رخصة}. وهذا نص في الإيجاب للجماعة مع كون الرجل مؤمنا. وأما احتجاجهم بتفضيل صلاة الرجل في الجماعة على صلاته وحده فعنه جوابان مبنيان على صحة صلاة المنفرد لغير عذر فمن صحح صلاته قال: الجماعة واجبة وليست شرطا في الصحة كالوقت فإنه لو أخر العصر إلى وقت الاصفرار كان آثما مع كون الصلاة صحيحة بل وكذلك لو أخرها إلى أن يبقى مقدار ركعة كما ثبت في الصحيح. " {من أدرك ركعة من العصر فقد أدرك العصر} قال: والتفضيل لا يدل على أن المفضول جائز فقد قال تعالى: {إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع ذلكم خير لكم} فجعل السعي إلى الجمعة خيرا من البيع والسعي واجب والبيع حرام. وقال تعالى: {قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم}. ومن قال: لا تصح صلاة المنفرد إلا لعذر احتج بأدلة الوجوب قال: وما ثبت وجوبه في الصلاة كان شرطا في الصحة كسائر الواجبات. وأما الوقت فإنه لا يمكن تلافيه فإذا فات لم يمكن فعل الصلاة فيه فنظير ذلك فوت الجمعة وفوت الجماعة التي لا يمكن استدراكها فإذا فوت الجمعة الواجبة كان آثما وعليه الظهر

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير