والترويج للسلع عن طريق طرح جوائز عينية عن طريق السحب مما تفشّى وعمت به البلوى في زماننا أيضاً، وصورته:أن يقوم صاحب المحلّ أو السلعة المعينة بتحديد جائزة عينية ـ سيارة، أو أجهزة كهربائية أو هندسية أو طبية، أو غير ذلك ـ يشترط فيمن ينافس على هذه الجائزة أن يكون مشترياً من متجره سلعة معينة، أو أن يشارك في المنافسة بشراء السلعة المعروضة بقيمة معينة وخلال فترة زمنية محددة، فإما أن يعطى المشارك عند شرائه كبوناً أو وصلاً أو رقماً، وفي نهاية المدة المقررة تدخل هذه الكبونات أو الأرقام في السحب للفوز بالجائزة، فيفوز أحد المشترين، ويخسر الباقون.
فتصوير هذه الجوائز فقهياً يكون كالآتي:
أولاً: أن المتنافسين على الجائزة قد دخلوا المنافسة بدفع مبلغ معين هو قيمة السلعة المرتبطة بالجائزة أو أية سلعة من المتجر عارض الجائزة، وهؤلاء ـ في الغالب ـ لم يستحضروا الرضا عند الشراء، لاستصحابهم الأمل في الفوز بالجائزة. فهم إذن متوقعون أن يفوزوا بهذه الجائزة، فوُجد عنصر التنافس.
ثانياً: أن أكثرهم ـ إنْ لم يكونوا كلهم ـ قصدوا الشراء من هذا المتجر، أو شراء تلك السلعة من أجل الفوز بالجائزة المعروضة معها، فوُجِد عنصر المخاطرة، إذ من اشترى رجاء الفوز بالجائزة قد خاطر بماله الذي دفعه في شراء السلعة من أجل الفوز بالجائزة.
ثالثاً: أن التاجر الذي قدّم الجائزة اشترط للمنافسة أن يشتري المتنافس السلعة المعروضة، وهذا يعني أنّ قيمة الجائزة مستلّة ـ في الغالب ـ من قيمة السلعة المباعة، بحيث يضاف جزءٌ قليل ومبلغ صغير لا يكترث له في قيمة السلعة، وبتقديرات التاجر أن هذه السلعة سيباع منها عدد معين في فترة الجائزة إلى زمن السحب، وعلى أقل الاحتمالات، فيوزّع قيمة الجائزة المقدّمة في الكمية المقدّرة للبيع في فترة الجائزة، فيكون قد حصّل قطعاً أو غالباً قيمة الجائزة من المتنافسين، ويستبعد أن يكون التاجر قد قدّم قيمة الجائزة من عنده، من خارج ما دفعه المتنافسون، لأن مقصوده الأول والأخير بتقديم الجائزة والترويج للسلعة هو الربح، فكيف يطلب الربح مما فيه خسران؟ فيستبعد هذا الاحتمال ويضعف. فتوفّر عنصر المشاركة في قيمة الجائزة.
فإذا جمّعنا نتيجة الأمر الأول، وهو: وجود عنصر المنافسة، ونتيجة الأمر الثاني وهو: وجود عنصر المخاطرة، ونتيجة الأمر الثالث، وهو: وجود عنصر المشاركة من المتنافسين في قيمة الجائزة؛ فقد تجمّعت كل العناصر المحققة للقمار المحرم قطعاً، فإن القمار يحققه المتنافسون المخاطرون بأموالهم، والمشاركون في قيمة الجائزة، فصاروا بين غانم وغارمين، وهذا عين القمار المحرّم باتفاق الفقهاء.
وعلى هذا فإنّ جوائز ترويج السلع من الصور المعاصرة للقمار المحرّم.
فتوى مجمع الفقه السوداني في هذه الجوائز:
وقد سئل مجمع الفقه الإسلامي في السودان عن مقصف من المقاصف التي تقدّم المأكولات، عرضت سيارة للجمهور كجائزة مقدّمة من المقصف، وقد اشترط على من أراد التنافس على الجائزة " السيارة " أن يحضر إلى المقصف ويتناول وجبة من المأكولات أو المشروبات فيعُطَى رقماً عند السداد بعد الأكل أو الشرب، ثم حدّد المقصف موعداً للسحب على تلك الأرقام، فيفوز الذي يخرج رقمه بالسيارة المعروضة.
فأصدر المجمع الفتوى بالرقم " فتاوى عمومي 2000، بتاريخ 18 صفر 1421هـ 22/ 5/2000م، ونص الفتوى:
" الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد: هذه المعاملة عرضت على الدائرة المختصة بمجمع الفقه الإسلامي وقررت الدائرة أن هذه المعاملة لا تجوز شرعاً ولا قانوناً، لأنها قمار مستتر في اليانصيب، لأن ضابط القمار عند الفقهاء هو: أن يكون كل من المقامرين غانماً أو غارماً، أي إذا كسب أحدهما خسر الآخر.
¥