الحالة الأولى: تعيين طائفة من الكفار بالدعاء لشدة عداوتهم ومحاربتهم للإسلام، وهذا مشروع؛ لما ثبت عنه _صلى الله عليه وسلم_ أنه قال: "اللهم اشدد وطأتك على مضر واجعلها عليهم سنين كسني يوسف"، ولما جاء عن عمر بن الخطاب _رضي الله عنه_ في القنوت أنه كان يقول: " .. اللهم العن كفرة أهل الكتاب الذين يكذبون رسلك ويقاتلون أولياءك، اللهم خالف بين كلمتهم وزلزل أقدامهم، وأنزل بهم بأسك الذي لا ترده عن القوم المجرمين" رواه عبد الرزاق في المصنف (4969).
الحالة الثانية: تعيين شخص أو أشخاص والتنصيص عليهم بأسمائهم، وهذا كذلك جائز عند الحاجة إليه، وهذا قول الجمهور خلافاً لأبي حنيفة لحديث أنس وأبي هريرة _رضي الله عنهما_ أن النبي _صلى الله عليه وسلم_ قنت بعد الركعة في صلاته شهراً: "اللهم أنج الوليد بن الوليد، اللهم أنج سلمة بن هشام، اللهم أنج عياش بن أبي ربيعة، اللهم أنج المستضعفين من المؤمنين، اللهم اشدد وطأتك على مضر، اللهم اجعلها عليهم سنين كسني يوسف" متفق عليه.
وعن أبي هريرة _رضي الله عنه_ قال: "إن النبي _صلى الله عليه وسلم_ كان إذا أراد أن يدعو على أحد، أو يدعو لأحد قنت بعد الركوع…" الحديث. (أخرجه البخاري).
وقد عقد ابن أبي شيبة في مصنفه: "باب في تسمية الرجل في القنوت".
وقال العراقي في طرح التثريب عند كلامه عن فوائد حديث أبي هريرة _رضي الله عنه_.
وقال (الخامسة): فيه حجة على أبي حنيفة في منعه أن يدعى لمعين أو على معين في الصلاة، وخالفه الجمهور فجوَّزوا ذلك لهذا الحديث وغيره من الأحاديث الصحيحة.
الحالة الثالثة: أن يخصّ الإمام مَن حضر معه الصلاة بالدعاء، فيقول – على سبيل المثال –: اللهم اغفر للحاضرين، أو لمن حضر صلاتنا .. ونحو ذلك فهذا لا بأس به، والأولى أن يأتي بالدعاء على صفة العموم "اللهم اغفر لنا وارحمنا .. " وينوي بذلك عموم المسلمين.
ولكن ينبغي التنبيه إلى أن التنصيص على شخص أو أشخاص في دعاء القنوت إنما يكون مشروعاً عند وجود السبب الذي يقتضيه كما في الأحاديث المتقدمة، ولا يكون سنة دائمة في الصلاة. (ينظر مجموع الفتاوى 23/ 109).
المسألة السادسة: التأمين على الدعاء ورفع الصوت
مما ينبغي التأمين في المواضع المناسبة، فإن من الناس من يؤمن على دعاء الإمام سواء كان دعاءً أو خبراً، والذي ينبغي أن يعقل المأموم ما يسمعه، فيؤمن في موضع التأمين ويسكت في موضع السكوت، قال معاذ القاري – رضي الله عنه – أحد صغار الصحابة وكان عمر يقيمه لصلاة التراويح – قال في قنوته: اللهم قحط المطر، فقالوا: آمين، فلما فرغ من صلاته قال: قلت: اللهم قحط المطر فقلتم: آمين، ألا تسمعون ما أقول ثم تقولون: آمين، ذكره المروزي في (مختصر قيام الليل).
والمشروع في التأمين على الدعاء في غير الفاتحة داخل الصلاة هو عدم رفع الصوت به؛ لأنه دعاء معناه "اللهم استجب"، والمشروع في الدعاء هو التضرع وعدم رفع الصوت به؛ لقوله _تعالى_: "ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً" (الأعراف: من الآية55)، ولأن عدم الجهر هو الأصل، وهذا بخلاف التأمين في الصلاة بعد الفاتحة فإن المشروع فيه هو رفع الصوت؛ لحديث وائل بن حجر عند أبي داود قال: سمعت رسول الله _صلى الله عليه وسلم_ قرأ "غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ" (الفاتحة: من الآية7)، فقال: آمين ورفع بها صوته، قال ابن حجر: إسناده صحيح.
المسألة السابعة: حكم دعاء ختم القرآن في صلاة التراويح
اختلف العلماء في ذلك على قولين:
القول الأول:
مشروعية الختمة في صلاة التراويح أو الوتر؛
وهذا مروى عن الإمام أحمد _رحمه الله_ وقد نقله ابن قدامه في (المغني2/ 608) فقال: " قال الفضل بن زياد: سألت أبا عبد الله فقلت: أختم القرآن، أجعله في الوتر أو في التراويح؟ قال: اجعله في التراويح حتى يكون لنا دعاء بين اثنين، قلت كيف أصنع؟ قال: إذا فرغت من آخر القرآن فارفع يديك قبل أن تركع، وادع بنا ونحن في الصلاة وأطل القيام، قلت: بم أدعو؟ قال: بما شئت، قال: ففعلت بما أمرني، وهو خلفي يدعو قائماً ويرفع يديه.
¥