تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

و ذلك لعصمة أمة الإسلام من الاجتماع على الضلالة؛ لقول النبيّ صلى الله عليه و سلم: " إن الله أجاركم من ثلاث خلال: أن لا يدعو عليكم نبيكم فتهلكوا جميعا، وأن لا يظهر أهل الباطل على أهل الحق، وأن لا تجتمعوا على ضلالة ". رواه أبو داود في " سُننه ".

و قد أخرج الإمام الحاكم - في " المستدرك على الصحيحين " - عدة أحاديث ذكر أنها من حجة العلماء بأن الإجماع حجة، و منها الحديث الذي رواه عن عبد الرزاق عن إبراهيم بن ميمون العدني - وكان يسمى قريش اليمن، وكان من العابدين المجتهدين - قال: قلت لأبي جعفر: والله لقد حدثني ابن طاوس، عن أبيه، قال: سمعت ابن عباس، يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يجمع الله أمتي على ضلالة أبدا، ويد الله على الجماعة». قال الحاكم: «فإبراهيم بن ميمون العدني هذا قد عدّله عبد الرزاق وأثنى عليه، وعبد الرزاق إمام أهل اليمن، وتعديله حجة». اهـ

و حكى الحاكم إجماع أهل السنة على هذه القاعدة من قواعد الإسلام: قاعدة عدم اجتماع الأمة على ضلالة أبداً.

و قد اجتمعت أمة الإسلام – مُمثّلةً بالمجتهدين من علمائها – على مشروعية و إباحة ختان الإناث.

وقع الاتفاق، و انعقد الإجماع على مشروعية ختان الإناث، و صرّح بذلك المتقدمون من العلماء الأعلام.

و العلماء المجتهدون الذين آلت إليهم الإمامة في الفقه و العلم بالأحكام الشرعية – عند أهل السُنة -: الأئمة الأربعة، و هم:: أبو حنيفة، ومالك، والشافعي، وأحمد، رضي اللَّهِ عنهم.

أ - و في قضية الختان قال الإمام ابن هبيرة الشيباني (2): (اتفقوا على أن الختان في حق الرجال، والخفاض في حق الأنثى مشروع). اهـ

قاله في (باب الختان) من كتابه " اختلاف الأئمة العلماء "، و قال: رأيت أن أجعل ما أذكره من إجماع مشيرا به إلى إجماع هؤلاء الأربعة، وما أذكره من خلاف مشيرا به إلى الخلاف بينهم. (3)

و اتفاقهم حجةٌ قاطعة؛ كما قال ابن قدامة.

ب - و لم يُنقل خلافٌ في تلك المشروعية، و هو ما صرّح به الإمام ابن رجب الحنبلي (4) في كتابه " فتح الباري " – و هو غير كتاب الحافظ ابن حجر " -؛ قال: (وختان المرأة مشروع، بغير خلاف). اهـ

و انتفاء الخلاف هو معنى و مقتضى الإجماع.

و الإمام ابن رجب نفى وجود ذلك الخلاف، و هو إمام جليلٌ عالمٌ بما يقول؛ فكان هذا إجماعاً - و هذا مُغايرٌ لِما لو قال مثلاً: لا أعلم فيه خلافاً، الذي قد يُنازع في اعتباره إجماعاً، و هو المقصود بقول الإمام ابن حنبل (من ادعى الإجماع فهو كاذب) (5) -.

و انتفاء الخلاف في مشروعيته جزم به الإمام ابن حزم قبله (6) في كتابه " مراتب الإجماع "، حيث أدخل فيه إباحة ختان النساء، و قال في مقدمته: وإنما ندخل في هذا الكتاب الإجماع التام الذي لا مخالف فيه البتة، الذي يُعلم كما يُعلم أن الصبح في الأمن والخوف ركعتان، وأن شهر رمضان هو الذي بين شوال وشعبان، وأن الذي في المصاحف هو الذي أتى به محمد صلى الله عليه وسلم وأخبر أنه وحي من الله، و أن في خمس من الإبل شاة، و نحو ذلك. اهـ

جـ – و في كتاب " مراتب الإجماع "؛ قال الإمام ابن حزم (7): (واتفقوا أن من ختن ابنه فقد أصاب، واتفقوا على اباحة الختان للنساء). اهـ

و مراده بالاتفاق: اتفاق جميع العلماء؛ ذكره في مقدمته، و قال: إنما نعني بقولنا: (العلماء): مَن حُفِظ عنه الفتيا من الصحابة، والتابعين، وتابعيهم، وعلماء الأمصار، وأئمة أهل الحديث، ومن تبعهم، رضي الله عنهم أجمعين. اهـ

و اتفاقهم هذا على إباحة ختان النساء هو من الإجماع الذي سمّاه: " الإجماع اللازم "؛ كما قال في مقدمة كتابه هذا (8).

و قال: وصفة الإجماع هو ما تيّقن أنه لا خلاف فيه بين أحد من علماء الاسلام، ونعلم ذلك من حيث علمنا الأخبار التي لا يتخالج فيها شك؛ مثل أن المسلمين خرجوا من الحجاز واليمن ففتحوا العراق وخراسان ومصر والشام، وأن بني أمية ملكوا دهرا طويلا، ثم ملك بنو العباس، وأنه كانت وقعة صفين والحرة، وسائر ذلك مما يعلم بيقين وضرورة. انتهى

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير