تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

و لأجل هذا العلم بيقين و ضرورة بمواضع الإجماع قال ابن حزم بكفر مخالف الإجماع، بشرط قيام الحجة عليه بأنه إجماع، في واقعة من الوقائع. و ختان الإناث من هذا القبيل، من حيث قيام الحجة.

د – و إضافةً إلى ما تقدم: فقد وقع التصريح بالإجماع على مشروعية ختان الإناث، و ذلك فيي كتاب " البحر الزخار الجامع لمذاهب علماء الأمصار " للإمام أحمد بن يحيى بن المرتضى (9)؛ جاء فيه: (والختان مشروع إجماعا للرجال والنساء). اهـ

* * *

و على كل ما تقدم: فمشروعية و إباحة ختان الإناث ثابتةٌ بالإجماع الصريح المتَيقّن، الذي لا يتخالج فيه شك، و لا يداخله ريب، و لا خلاف فيه ألبَتّة بين أحدٍ من علماء الإسلام.

و بهذا قامت الحجة على كل منكرٍ لختان الإناث، و يُخشى عليه من الدخول في عموم قول النبي صلى الله عليه و سلم: «من خالف جماعة المسلمين شبرا، فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه».

رواه الحاكم في " المستدرك على الصحيحين، عن خالد بن وهبان، عن أبي ذرٍ، به، و قال: «خالد بن وهبان لم يجرح في رواياته، وهو تابعي معروف، إلا أن الشيخين لم يخرجاه». وقد روي هذا المتن، عن عبد الله بن عمر بإسناد صحيح على شرطهما. أهـ

* * *

و مع هذا الإجماع الصريح على تلك المشروعية و الإباحة خرج صوت المفتي – د. علي جمعة – على ملإٍ من الناس، و أمام ملايين المشاهدين؛ ليقول بملء فيه: " ختان الإناث حرام. حرام. حرام ".!

و هو ما تناولته الصحف؛ فنشرت صحيفة " المصري اليوم " – في عدد25/ 6/2007 م – خبراً بعنوان:

المفتي: "قلناها مرة واتنين وعشرة ختان الإناث حرام .. حرام .. حرام"

و جاء فيه:

«ممارسة هذه العادة في عصرنا الحالي حرام حرام» .. بهذه الكلمات المباشرة أفتي الدكتور علي جمعة، مفتي الديار المصرية، بعدم شرعية ختان الإناث.

وقال المفتي في اتصال هاتفي مع برنامج «90 دقيقة» علي قناة «المحور» أمس الأول: لقد عقدنا مؤتمرا موسعا ضم نخبة من الأطباء والفقهاء وانتهوا إلي أن هذه العادة «ممنوعة»، والكلمة الأخيرة يرادفها في الشريعة كلمة «حرام».

وأضاف المفتي أن هناك أوساطا ثقافية مختلفة، يجب أن نشرح لها لماذا الختان حرام، مشيراً إلي أن هناك وسطا ثقافيا مخالفا، وآخر رافضاً، وثالثاً، جاهلاً، وجميعهم يحتاج إلي شرح خاص، حتي يدرك أن ما نقوله ليس مخالفا للدين، ولا يتناقض مع ما ورد في الكتب، لأننا علماء ونعرف جيداً الموجود فيها.

وتابع جمعة: إن إيقاع الحياة أصبح سريعا، مما يصعب علينا إقناع كل شخص علي حدة، ولكن إذا أرادوا كلمة واضحة من مفتي مصر، فأنا أقول «إن ختان الإناث حرام». انتهى كلامه

و إنّا لله، و إنّا إليه راجعون؛ كلمة علّمنا القرآن الكريم أن نقولها عند وقوع المصيبة في الدنيا، و في الدين بالأولى

و لله الأمر من قبل، و من بعد.

جو بناءً على ما ادعاه المفتي د. جمعة صدر قرار وزاري بحظر ختان الإناث في مصر، و هو ما نشره الموقع العربي لهيئة الإذاعة البريطانية – يوم 28/ 6/2007م – بعنوان: منع ختان الإناث نهائيا في مصر، و نُشر كذلك على الموقع الخاص بوزارة الصحة و السكان – المصرية.

و هذه الأقوال الشاذة، و هذا القرار الوزاري مخالفان قطعاً للثابت من الإجماع الشرعي المنعقد، و المبني على الأحاديث الصحيحة التي لا مطعن فيها، و التي ذكرنا بعضاً منها آنفا، و القول بتحريم ما أحلّه الله من ختان الإناث – بدلالة ما صَح من أحاديث رسوله صلى الله عليه و سلم، و بدلالة الإجماع الصريح – هو معارضةٌ لله عزّ و جَلّ في أقواله، و منازعةٌ له في أحكامه؛ تعالى الله عن ذلك عُلُوّاً كبيرا.

* * *

و لا وجه – في الشرع – يبيح حظره؛ بدعوى حق وليّ الأمر في تقييد المباح، عند الحاجة – كما ادعى الشيخ القرضاوي في بحثه المقدم إلى " مؤتمر العلماء العالمي نحو حظر انتهاك جسد المرأة " - و ذلك لأنه استدلال في غير موضعه؛ لأن حكم ختان الإناث في الشرع ليس مقتصراً على مُجرّد الإباحة، بل هو دائرٌ بين الوجوب و السُنيّة، و ما في معناها؛ فلا يدخل في القول بجواز التقييد للمباح؛ لارتفاع حكم ذلك الختان في مرتبته عن مجرد المباح؛ فلا يدخل الأعلى في موضع تقييد الأدنى. و هو ظاهر.

و الله تعالى أعلم

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير