تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الله عليه وسلم أن يسمع ذلك أصحابه ....... " والمتأمل في هذا الحديث يسأل نفسه إن كان هذا هو أول إجتماع لسلمان رضي الله عنه مع النبي صلى الله عليه وسلم عند القبر فلم لم يصف وعظه في حين أنه وصف أنه كان جالسا؛ كان عليه شملتان؛ فلو كنت في موضع سلمان رضي الله عنه في لحظة انتظرت قدومها منذ أمد كحبيب جاء على فاقة فأيهما تصف أولا إن جئت وكان من أمر النبي صلى الله عليه وسلم وعظ أصحابه فهل تصف لباسه وهيأته أم أنه كان يعظ أصحابه وكذلك كلام النبي صلى الله عليه وسلم معه يوميء إلى انتفاء الوعظ حيث لم يقل سلمان " فقطع حديثه ثم كلمني " بل أصرح من ذلك حديث أنس رضي الله عنه الذي أخرجه البخاري وغيره من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال

: شهدنا بنتا لرسول الله صلى الله عليه وسلم قال ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس على القبر قال فرأيت عيناه تدمعان قال فقال هل منكم رجل لم يقارف الليلة فقال أبو طلحة أنا قال فانزل قال فنزل في قبرها " فهل بعد هذا الخبر من شك في أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يداوم على الوعظ إن لم ينقل عنه صلى الله عليه وسلم وعظ في جنازة ابنته فكيف بغيرها وهل وعظ النبي صلى الله عليه وسلم بأقل أثرا من بكاءه ونحن نعلم أن عظته للناس فيها تشرع لهم بخلاف البكاء ومن جنس ذلك أيضا حديث أبي هريرة الذي أخرجه ابن ماجة في سننه والطبراني في الأوسط " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى على جنازة ثم أتى قبر الميت فحثى عليه من قبل رأسه ثلاثا " فهل هذا الوصف أشد أهمية من الوعظ حتى لا ينقله الصحابة بل كما قلت هناك جنائز لم يحضرها النبي صلى الله عليه وسلم أصلا فكيف بالوعظ الدائم على القبر ().

إن أي قارء أو محب للنبي صلى الله عليه وسلم يقرأ بروح الإتباع للرسول ليسأل نفسه لم لم يؤثر عن النبي صلى الله عليه وسلم وعظ في هذه المواطن التي تنفطر لها القلوب وتتصدع لها النفوس ولم قلت هذه الأحاديث إلى الدرجة التي جعلتها لا تتجاوز أصابع اليد الواحدة والجواب عن ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعظ عند القبر بحسب ما يعرض له لا على قصد الوعظ بعينه وطلبه حيث كان كما قال شيخنا وحديثا البراء شاهد على ذلك حيث بين حديثه الأول ورود النبي صلى الله عليه وسلم عليهم ولما يلحد الأنصاري فملأ عليهم ذلك الوقت بتلك الموعظة ولما وفي الثانية هرع إليهم لما رآى من اجتماعهم ولك أن تتأمل كيفية تلك الموعظة وبمثل التعليل الأول يعلل حديث علي رضي الله عنه.

وهذه الحالات المنقولةُ عنه صَلَّى الله عليه وعلى آله وسلم إنّما صدرت منه على وجه تعليم حُكْمٍ، أو نصيحةٍ بفعلٍ أو إبار بغيب أو إرشادٍ إلى اعتقاد ٍ تجر على هيئةِ الخُطَب الدينية ......... ().

وقد بين بعضهم ذلك فقال

فلعل سائل يقول إن كانت تلكم العلل هي أسباب الوعظ فقد توفرت عندنا بل وحاجتنا إليه أشد قلنا بلى ولكن لما تأملنا وقوف النبي صلى الله عليه وسلم قبالة القبر ولم يعظ في أكثر من موطن بان لنا أن هدي النبي ما رمنا إليه وأصلنا له.

ولعل آخر يقول لعل النبي صلى الله عليه وسلم وعظ ولم ينقل إلينا فليس من شرطا من عدم التبليغ عدم الوقوع قلنا بلى على الشطر الثاني بيد أن الشطر الأول منه منتقض من وجوه:

أولها: ما بينته من حديث سلمان وأنس وفيه دلالة واضحة أغنت عن تكرارها.

1 اشتبه على بعضهم فظن قول النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه " هل فيكم من أحد لم يقارف الليلة ....... الحديث " من قبيل الوعظ وليس بذاك كما هو متضح لكل ناظر.

2 ومثل ذلك وصيته للحافر وما أشكل ذلك والله أعلم.

ثانيها: وهل يظن أحد أن الصحابة الكرام رأوا النبي صلى الله عليه وسلم يعظ في كل مرة ولم ينقلوا عنه هل هذا تصديق لكمال البلاغ الإلهي إلى النبي صلى الله عليه وسلم ومنه لأصحابه ومنهم للناس كافة فلعل سائل يسأل نعم فالواحد منهم ربما ما نقل الحدث لنقل غيره له وكفايته ذلك الأمر من غيره () قلنا لقد تعددت الجنازات وكثرت ولو تأملت مواطن الوعظ الثابتة لوجدت كل واحدة منها في نسق غير الأخرى مما يوضح التباين في صور الوعظ في بعضها ومضمون الوعظ من جهة أخرى ومن أجل ذلك قلت أنه لم يثبت وعظ عن النبي صلى الله عليه وسلم حتى نقول لربما ثبت ولم ينقل فالداعية إلى النقل أعم من أن تنقل عن ثلاث أو أربعة من

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير