تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الصحابة.

ثالثها: لو قلنا جدلا أن الفعل قد ثبت ولم ينقل إلينا فلم لم نر هذا الفعل في آثار الصحابة ومن بعدهم من سلفنا الصالح وهنا نقرر القاعدة المتقدمة مرة أخرى ألا وهي " العام إذا لم نجد الصحابة عملوا بجزئية من جزئياته علمنا أن تلك الجزئية غير مرادة للشارع وأن العمل بها بدعة "، وهذه، من تلك لأنا لم نجد الصحابة عملوا بها مع أن المقتضى قائم فكم من الصحابة ماتوا ودفنوا وشيعهم صحابة آخرون وفيهم الخلفاء الراشدون، والعشرة المبشرون بالجنة وغيرهم من علماء الصحابة ولم يثبت أن أحدهم قام وخطب الحضور ووعظهم بعد الدفن على الطريقة المعمول بها اليوم () وهنا يلزمني الحال أن أقول أنحن أحرص على العبادة من أحدهم ما من أحد ينطق هذه الكلمات أو تجول في نفسه تلك العبرات فقد كانوا أحرص الناس على إتباع هديه واقتفاء أثره وتقليده في جميع أمره () ومع ذلك لم يؤثر عن أحد منهم أنه داوم أو حتى أكثر ولم نرهم يقفون موقف الخطيب يوم الجمعة حتى إن ورد عن أحد منهم أمرا خالف فعل النبي صلى الله عليه وسلم لم نلتفت إليه فالحق لا يعرف بالرجال وإنما الرجال يعرفوا بإتباع الحق.

لقد قلد الصحابة رضوان الله عليهم النبي صلى الله عليه وسلم في عاديات ليست من الواجبات أو المندوبات كإرسال الشعر () وفرجة القميص فكيف يتركوا وصفه للوعظ في أكثر من موطن وهو على خلاف العاديات إذ أنه تشريع وبيان للأمة أليس إنني أرى أن من زعم هذا فقد قدح فيهم حاشاهم وهم حملة الدين ومبلغوه إلى الناس أجمعين.

رابعها: هل من آثار عن الصحابة أو التابعين أو السلف عامة انطوت على المواعظ على ما نرى اليوم من إخواننا لم نر ذلك البتة وما ذاك إلا أنهم فهموا من النصوص ما يغاير فهمكم وينقضه وهذا ما سنبينه في فصل آت إن شاء الله تعالى.

فصل وفيه بيان انتقاض من قال بالوعظ على طريقة إخواننا.

وأولها: أنكم تمسكتم بالوعظ على أنه سنة وبنيتم على ذلك تبريرا لما تفعلون فهلا كان ذلك على الطريق كله لا بعضه أعني أنكم قلتم هو السنة فلم لم تقوموا بها على وجهها فمن ذلك أنكم تعظون على أي جهة كنتم ولم تعملوا بالأحاديث على وجهها ألم يأت في بعض الأحاديث أنه استقبل القبلة حال وعظه كحديث البراء مثلا الذي أخرجه ابن ماجة " خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في جنازة رجل من الأنصار فانتهينا إلى القبر ولم يلحد بعد فجلس النبي صلى الله عليه وسلم مستقبل القبلة وجلسنا معه " وفي رواية " حيال القبلة " أي متوجها إليها.

إني لا أقول أن على الواعظ ذلك ولكن على طريقتكم هذا سنة فلم خالفتموها ونبذتموها حتى ما نراها حين وعظكم.

2 لم نركم أيضا قمتم بهذه السنة على حقيقتها التي سلكها النبي صلى الله عليه وسلم فنرى الواحد منكم يقف في كل مرة قيام الخطيب وهذا مما لا أصل له فمن أين جئتم به فها هي الشواهد كلها تدحض فعلكم ولله در أبي داود رحمه الله تعالى حين بوب بهذا الباب معنونا إياه بقوله " باب كيف يجلس عند القبر " وصدره بحديث البراء وفيه " فجلس النبي صلى الله عليه وسلم مستقبل القبلة وجلسنا معه " وفي رواية " خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في جنازة رجل من الأنصار فانتهينا إلى القبر ولما يلحد فجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم وجلسنا حوله كأنما على رءوسنا الطير " ومن حديثه أيضا " فجلس على شفير القبر " ومن حديث على " فجلس وجلسنا معه " بل حتى الأحاديث التي ما ورد فيها الوعظ بينت هذه الصفة ففي حديث سلمان " وهو جالس في أصحابه فسلمت عليه ... " ومن حديث أنس قال " أنس بن مالك رضي الله عنه قال

: شهدنا بنتا لرسول الله صلى الله عليه وسلم قال ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس على القبر .... "

فلم لم تسيروا على هدي النبي صلى الله عليه وسلم حال وعظه.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير