في قبري خشبة ولا حجرا فإذا واريتموني فاقعدوا عندي قدر نحر جزور وتقطيعها استأنس بكم () "
أما غير ذلك من إيصال عبادة وقراءة قرآن فخارج عن دائرة السنة بل مما أحدث على أيدي الرجال ولا مكان له في شرع الإسلام وهداه.
وإذا ما نظرت لما تضمنه الوعظ في كلام النبي صلى الله عليه وسلم ثم أتبعت النظر في حال اليوم لحدثت ولا حرج إذ ترى كلام اليوم فيه من الشدة والغلظة والجفاء وحمية القول ما السنة منه براء بل أين الكلام الذي يلين القلب ويذرف الدمع ويأتي بالخشوع من خطب إخواننا فالبون واضح بل ربما وجدت من تطرق حديثه إلى السياسة أو شئ من الأمور الاجتماعية وتعدت كلماته غير المقام يقول ابن عثيمين رحمه الله تعالى " الذي أرى في الوعظ عند القبور أنه أمر لا يشرع، ولا ينبغي أن يتخذ هذا سنة دائمة، فإن وجد له سبب فقد يشرع، مثل أن يرى أناسا في المقبرة عند الدفن يضحكون ويلعبون ويتمازحون فهنا لا شك أن الموعظة حسنة وطيبة، لأنه لها سبب يقتضيها، أما مجرد أن يقوم الإنسان خطيبا عند الناس وهم يدفنون الميت فهذا لا أصل له في هدي النبي صلى الله عليه وسلم، ولا ينبغي أن يفعل.
وقد سمعت الشيخ الألباني رحمه الله في بعض فتاويه: يقول بأنها بدعة محدثة ...
وقال أيضا بعد حديث على رضي الله عنه " وعلى هذا فإذا جاء الإنسان إلى المقبرة وجلس الناس حوله فهنا يحسن أن يعظهم بما يناسب، بمثل هذا الحديث أو حديث عبد الرحمن بن سمرة حين جاء الرسول صلى الله عليه وسلم وانتهى إلى جنازة رجل من الأنصار ووجدهم يحفرون القبر ولم يتموا حفره فجلس وجلسوا حوله، كأن على رؤوسهم الطير، احتراما لرسول الله صلى الله عليه وسلم وإجلالا لهذا المجلس وهيبة، فجعل يحدثهم أن الإنسان إذا جاءه الموت نزلت إليه ملائكة الرحمة أو ملائكة العذاب، وجعل يحدثهم بحديث طويل يعظهم به ...
قلت: يشير الشيخ رحمه الله إلى حديث البراء بن عازب رضي الله عنه ..
قال الشيخ رحمه: هذه هي الموعظة عند القبر أما أن يقوم القائم عند القبر يتكلم كأنه يخطب فهذا لم يكن من هدي الرسول صلى الله عليه وسلم ...... ()
فهذا أخي فهم السلف وعلماء الأمة لحديث النبي صلى الله عيه وسلم ولم يجعلوا الأمر سنة والسلام وإنما جعلوا لها الضوابط والشرائط حتى لا تنصرف من السنة إلى البدعة ومن رضا الله إلى سخطه فنسأل الله العافية ولو لم يحد العلماء هذه الحدود في تلك العبادة أو غيره لانهدمت عرى الإسلام وانفتحت منه الثلمات ولطار كل واحد بما لديه على أنه من الدين فله فيه أصل يرجع إليه ومستند يعزوا له وهذا متمسك أهل البدع والأهواء وليس فعل العلماء هذا من باب التضييق وتحجير المتسع بل منقبيل حفظ الدين والحوطة عليه أن يدخل فيه ما ليس منه أو تناله يد حاقد وهو حاصل في عقل كل مسلم حريص على الدين وأهله.
فإن قال قائل لم هذا الجدل والأمر لا يحتمل مثل هذا أقول بل إن الأمر يحتمل أكثر من ذلك بل لا يقول هذا الكلام إلا من طاشت عقولهم وسفهت أحلامهم وابتعدت عن هدي الإسلام وشرعه بل لم يعرف بعد ماهو سبب خلقه في هذا الكون ألا وهو العبادة الصحيحة فمن الناس من يأتي بأعمال يظن بها الصلاح والخير لا تساوي في الميزان شيئا كان يحسب أنه يحسن صنعا وليس بذاك فما أغنى عنه ما كان يصنع بل هوى بأعماله في النار وكب على وجهه في جهنم.
إن الصحابة رضوان الله عليهم ما أمروا أمرا إلا ابتدروه وأذعنوا له و امتثلوه وما نهوا عن شئ إلا تركوه ونبذوه ولو جائهم من طرف خفي ولو رأى أحد منهم على خلاف ما رأى من رسول الله صلى الله عليه وسلم أنكره فثارت ثورته وهاجت حميته من أجل الدين ولكنا لما تخاذلنا بالدين وضاعت من نفوسنا العزة بكلام المصطفى خرجت من أفواهنا هذه الكلمات.
ويقول آخر لم كل هذه الضجة على الموعظة هو أمر حسن أقول إن كل من ينتمي إلى أهل السنة والجماعة لا يحسن ويقبح من تلقاء هواه بل بما دلت عليه النصوص والترك فيما لم ينص عليه في أبواب العبادات هو الواجب ولو بدا لبادي الرأي أن الصواب فعله بل هو تقديم بين يدي الله ورسوله وطعن لشخص الرسول أن يرى أنه فعل خيرا أحجم عنه الرسول صلى الله عليه وسلم.
¥