فأجاب رحمه الله: ((وضع الأسهم في الشركات فيه نظر، لأننا سمعنا أنهم يضعون فلوسهم لدى بنوك أجنبية أو شبه أجنبية، ويأخذون عليها أرباحاً، وهذا من الربا، فإن صح ذلك فإن وضع الأسهم فيها حرام ومن كبائر الذنوب، لأن الربا من أعظم الكبائر، أما إن كانت خالية من هذا فإن وضع الأسهم فيها حلال إذا لم يكن هناك محذور شرعي آخر)) انتهى.
الفتوى الرابعة: وقال حول أن تكون المساهمات في شركات لم تنشأ للربا أصلاً، ولكن ربما يدخل في بعض معاملاتها مثل: شركة صافولا ونحوها مما وقع السؤال عنه، فهذه الأصل فيها: جواز المساهمة لكن إذا غلب على الظن أن في بعض معاملاتها رباً فإن الورع هجرها وترك المساهمة فيها لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام)).
فإن كان قد تورط فيها أو أبى أن يسلك سبيل الورع فساهم فإنه إذا أخذ الأرباح وعلم مقدار الربا وجب عليه التخلص منه بصرفه في أعمال خيرية من دفع حاجة فقير أو غير ذلك، ولا ينوي بذلك التقرب إلى الله بالصدقة بها لأن الله طيب لا يقبل إلا طيباً، ولأن ذلك لا يبرئ ذمته من إثمها، ولكن ينوي بذلك التخلص منها ليسلم من إثمها لأنه لا سبيل له للتخلص منها إلا بذلك. وإن لم يعلم مقدار الربا فإنه يتخلص منه بصرف نصف الربح)) انتهى.
وفي هذه الفتوى التي فرح بها المجيزون وشرقوا بها وغربوا لأنهم فهموا منها الجواز فجعلوها عمدتهم وأهملوا غيرها من فتاوى الشيخ الصريحة ومع ذلك فهي ليست حجة لهم، بل هي عليهم. وكان يجب عليهم ما يلي:
أ- أن يفهموا منهج الشيخ الذي عرف بدقة ألفاظه وعباراته حيث قال في هذه الفتوى: بأن المساهم إذا ساهم في هذه الشركات وكان يغلب على ظنه أن فيها ربا، فيفهم من هذا أنه لو كان متيقناً أن فيها رباً فعليه عدم الدخول.
ب- عندما طلب الشيخ من المساهم إخراج النسبة المحرمة بعد علمه بها، هل قال له استمر في المساهمة؟ الصحيح لا.
وهنا الفرق بين فتوى الشيخ وفتاوى من زعموا أنهم مقلديه، فالشيخ طلب إخراج النسبة المحرمة وفك الاشتراك والتخلص من هذه المساهمة نهائياً، وهم يقولون يخرج النسبة المحرمة، ويستمر في أكل الربا ولا إثم عليه بل الإثم على مباشري الربا فقط.
الترجيح:
الذي يترجح لدي – والله أعلم – أن الشيخ – رحمه الله – يميل إلى التحريم لما يلي:
1 - أن الفتاوى التي يذهب فيها إلى التحريم واضحة، وبخاصة رقم (1)، (2)، (3).
2 - الفتوى التي فهم منها البعض الجواز لها عدة احتمالات ذكرتها فيما سبق، مع أن الاحتمال الأقرب أنه رجع عنها بدليل أنها كتبت بتاريخ 21/ 4/1412هـ، والمتأخر هو المقدم.
3 - الشيخ عرف بعدم تساهله في أمر الربا، بل حرم على المسلم العمل بالمؤسسات الربوية حتى لو كان سائقاً أو حارساً، فكيف إذاً يظن به أن يجيز المحرم الصريح والربا الواضح؟
4 - أن الشيخ – رحمه الله – يمنع من كل تعامل يؤول عن طريق التحايل إلى الربا، كمنعه – رحمه الله – بيع المرابحة للآمر بالشراء، وما جوز بيع التورق إلا للحاجة، فإذا كان – رحمه الله – يمنع التحايل إلى ما يؤول إلى الربا، فكيف يجيز الدخول في شركات تتعامل بالربا صراحة؟
5 - للشيخ أقول كثيرة في التحريم، فكيف يليق بباحث أن يأخذ قولاً يتيماً ويروج له، ويجعله مستنده في الإباحة للأسهم المختلطة ضارباً عرض الحائط بالأقوال الأخرى للمصدر نفسه؟
6 - لم يعرف عن الشيخ – رحمه الله – أنه قال ولو لمرة واحدة أخرجوا النسبة المحرمة ثم استمروا في هذه الشركات، بل القول في التطهير قول محدث لم يدعُ إليه الشيخ – رحمه الله – فنسبته إلى الشيخ خطأ فادح، فعلى من نسبه إليه أن يستغفر ويتوب، والله أعلم.
وإني لأسأل بعد هذا التوضيح: هل عند المجيزين المعتمدين على قول الشيخ فقط استعداد للتراجع عن رأيهم بعد أن اتضح لهم بأن الأقرب أن الشيخ يميل إلى التحريم أو على الأقل له أكثر من قول؟!
انظر كتاب: (الأسهم المختلطة / 129 - 135)
والحمد لله رب العالمين.
ـ[المسيطير]ــــــــ[26 - 06 - 08, 06:57 ص]ـ
جزاك الله خيرا.
وهنا زيادة إيضاح للمشاركة:
قال الشيخ صالح بن مقبل العصيمي وفقه الله:
المبحث الخامس
¥