وأما الحنابلة فلهم في المسألة أربعة أقوال ذكرها ابن مفلح في الفروع وذكرها غيره، قال: "فإن علم أن فيه حراما وحلالاً كمن في ماله هذا وهذا، فقيل بالتحريم ... وقال الأزجي في نهايته: هذا قياس المذهب، كما قلنا في اشتباه الأواني الطاهرة بالنجسة، وقدمه أبو الخطاب في الانتصار في مسألة اشتباه الأواني، وقد قال أحمد: لا يعجبني أن يأكل منه. وسأل المروذي أبا عبد الله عن الذي يعامل بالربا يؤكل عنده؟ قال: لا. قد لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "آكل الربا وموكله". وقد أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالوقوف عند الشبهة، ومراده حديث النعمان بن بشير، متفق عليه.
والثاني: إن زاد الحرام على الثلث حرم الكل وإلا فلا، قدمه في الرعاية لأن الثلث ضابط في مواضع.
والثالث: إن كان الأكثر الحرام حرم وإلا فلا، إقامة للأكثر مقام الكل، لأن القليل تابع، قطع به ابن الجوزي في المنهاج، وذكر شيخنا ـ ابن تيمية ـ إن غلب الحرام هل تحرم معاملته؟ أو تكره؟ على وجهين، وقد نقل الأثرم وغير واحد عن الإمام أحمد فيمن ورث مالاً: إن عرف شيئاً بعينه رده، وإن كان الغالب على ماله الفساد تنزه عنه، أو نحو ذلك.
ونقل عنه حرب في الرجل يخلف مالاً: إن كان غالبه نهباً أو ربا ينبغي لوارثه أن يتنزه عنه إلا أن يكون يسيراً لا يعرف، ونقل عنه أيضا: هل للرجل أن يطلب من ورثة إنسان مالا مضاربة ينفعهم وينتفع؟ قال: إن كان غالبه الحرام فلا.
والرابع: عدم التحريم مطلقاً، قل الحرام أو كثر، لكن يكره، وتقوى الكراهة وتضعف بحسب كثرة الحرام وقلته، وجزم به في المغني وغيره وقدمه الأزجي وغيره .. انتهى من الفروع 2/ 660 في باب صدقة التطوع.
وقال المرداوي في تصحيح الفروع بعد ذكر القول الرابع: قلت: الصحيح الأخير على ما اصطلحناه. ثم ذكر أن هذا هو الصحيح من المذهب.
والمسألة بحثها جمع من الحنابلة في باب الوليمة من كتاب النكاح.
والحاصل أن من كان جميع ماله من الحرام حرم الأكل منه، وإن كان ذلك هو الغالب، أو الأكثر: كره، إلا ان يكون طعامه قد اشتراه بعين المال الحرام فيحرم. والله أعلم.
المفتي: مركز الفتوى
************************
رقم الفتوى: 25310
عنوان الفتوى: حكم تجهيز البنت من مال أبيها إذا كان يعمل ببنك ربوي
تاريخ الفتوى: 20 رمضان 1423/ 25 - 11 - 2002
السؤال
السلام عليكم
بالاشارة الى فتواكم لي رقم13021
لم أتلق رد (الفتوى) فيما يخص حكم ما يجهز به الأب ابنته من متاع (الأب يعمل ببنك ربوي) وكذلك حكم مخالطةالأب من مأكل ومشرب وهدية؟ أفتونا مأجورين بإذن الله
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالقاعدة أنه لا يجوز التعامل مع من كان كل ماله حراماً، ولا الأكل من ماله، أما من كان أكثر ماله حراماً فالراجح أن كلاً من الأكل من ماله أو التعامل معه مكروه، إلا إذا عُلم أنه اشترى عين الطعام بمال محرم.
وقد سبق بيان ذلك مفصلاً في الفتوى رقم:
6880 - والفتوى رقم:
9963.
وبناءً على ذلك فإن كان جميع كسب الأب المذكور قد حصل عليه من العمل في البنك الربوي فلا يحل لك ولا لها استعمال ما جهزها بها لأنه مال محرم. أما إذا كان أكثره من الربا مع وجود جزء من المال الحلال فيكون استعمال هذا الجهاز مكروهاً، ومحل الحرمة أو الكراهة عند عدم الضرورة لذلك، فإذا كان هذا الجهاز من الضروريات، وليس بإمكانك، ولا بإمكانها شراؤه، فلكم أخذ ما دعت إليه الضرورة دون زيادة عليها، قال تعالى: وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ [الأنعام: 119].
أما عن الهدايا والأكل والشرب من جهة من كل ماله حرام أو أكثره حرام، فالحكم فيها كما بيَّنا أعلاه.
والله أعلم.
المفتي: مركز الفتوى
************************
رقم الفتوى: 9963
عنوان الفتوى: مال الغير الحرام لا يجوز إلا لما تدفع به الضرورة
تاريخ الفتوى: 06 جمادي الثانية 1422/ 26 - 08 - 2001
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد أريد أن أسالكم وبارك الله فيكم امراة متوفي زوجها تمنحها الحكومة مبلغاً من المال حيث المال لا يكفيها في قضاء حوائجها و يعطيها أبوها مبلغاً من المال علما أن مال أبيها من الفؤائد الربوية فهل المال جائز وجزاكم الله خيرا؟
الفتوى
الحمد لله وصلى الله وسلم على محمد وعلى آله وصحبه وبعد:
فإذا كان ما يصل إلى هذه المرأة من رزق الدولة كافيا لسد ضرورياتها فلا يجوز لها أن تأخذ شيئا من مال أبيها الذي تجزم أو يغلب على ظنها أن مصدره الفوائد الربوية.
أما إذا كان ما يصلها من مال الدولة غير كاف لسد الضروريات، فلها أن تأخذ من مال أبيها ما تكمل به سد ضرورياتها، وعليها أن تعلم أن هذا النوع من المال لا يجوز منه إلا ما تدفع به الضرورة، فإذا ارتفعت الضرورة امتنع أخذه، وإن أدى ذلك إلى القطيعة بينها وبين أبيها فلا عبرة لذلك لأن ماله حرام محض، ولا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.
والله أعلم.
المفتي: مركز الفتوى
*****************************
وفى الفتوى الأولى تأصيل للمسألة
والله اعلى واعلم