[حكم ستر الجدران والبيوت]
ـ[أبو عبد الله بن أبي بكر]ــــــــ[15 - 07 - 08, 06:02 ص]ـ
فتح الباري لابن حجر - (ج 14 / ص 469)
(وَأَمَّا حُكْم سِتْر الْبُيُوت وَالْجُدْرَان فَفِي جَوَازه اِخْتِلَاف قَدِيم، وَجَزَمَ جُمْهُور الشَّافِعِيَّة بِالْكَرَاهَةِ، وَصَرَّحَ الشَّيْخ أَبُو نَصْر الْمَقْدِسِيُّ مِنْهُمْ بِالتَّحْرِيمِ،
وَاحْتَجَّ بِحَدِيثِ عَائِشَة " أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: إِنَّ اللَّه لَمْ يَأْمُرنَا أَنْ نَكْسُوَ الْحِجَارَة وَالطِّين، وَجَذَبَ السِّتْر حَتَّى هَتَكَهُ " وَأَخْرَجَهُ مُسْلِم. قَالَ الْبَيْهَقِيُّ هَذِهِ اللَّفْظَة تَدُلّ عَلَى كَرَاهَة سَتْرِ الْجِدَار، وَإِنْ كَانَ فِي بَعْض أَلْفَاظ الْحَدِيث أَنَّ الْمَنْع كَانَ بِسَبَبِ الصُّورَة.
وَقَالَ غَيْره: لَيْسَ فِي السِّيَاق مَا يَدُلّ عَلَى التَّحْرِيم، وَإِنَّمَا فِيهِ نَفْي الْأَمْر لِذَلِكَ، وَنَفْي الْأَمْر لَا يَسْتَلْزِم ثُبُوت النَّهْي، لَكِنْ يُمْكِن أَنْ يُحْتَجّ بِفِعْلِهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَتْكه.
وَجَاءَ النَّهْي عَنْ سِتْر الْجُدُر صَرِيحًا، مِنْهَا فِي حَدِيث اِبْن عَبَّاس عِنْد أَبِي دَاوُدَ وَغَيْره " وَلَا تَسْتُرُوا الْجُدُر بِالثِّيَابِ " وَفِي إِسْنَاده ضَعْف، وَلَهُ شَاهِد مُرْسَل عَنْ عَلِيّ بْن الْحُسَيْن أَخْرَجَهُ اِبْن وَهْب ثُمَّ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقه، وَعِنْد سَعِيد بْن مَنْصُور مِنْ حَدِيث سَلْمَان مَوْقُوفًا " أَنَّهُ أَنْكَرَ سَتْر الْبَيْت وَقَالَ: أَمَحْمُوم بَيْتكُمْ أَوْ تَحَوَّلَتْ الْكَعْبَة عِنْدكُمْ؟ قَالَ لَا أَدْخُلهُ حَتَّى يُهْتَك " وَتَقَدَّمَ قَرِيبًا خَبَر أَبِي أَيُّوب وَابْن عُمَر فِي ذَلِكَ.
وَأَخْرَجَ الْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيث مُحَمَّد بْن كَعْب عَنْ عَبْد اللَّه بْن يَزِيد الْخَطْمِيّ أَنَّهُ رَأَى بَيْتًا مَسْتُورًا فَقَعَدَ وَبَكَى وَذَكَرَ حَدِيثًا عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهِ " كَيْف بِكَمْ إِذَا سَتَرْتُمْ بُيُوتكُمْ " الْحَدِيث وَأَصْله فِي النَّسَائِيِّ)
ـ[نضال دويكات]ــــــــ[15 - 07 - 08, 12:32 م]ـ
الآثار في ستر الجدران
كتبها
عبد العزيز بن إبراهيم الشبل
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
3/ 12/1426هـ
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فورد عن النبي –صلى الله عليه وسلم- عدة أحاديث في هذه المسألة، أقواها حديث عائشة –رضي الله عنها-عند مسلم، فقد أخرج الإمام مسلم (2106) عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: خرج أي النبي –صلى الله عليه وسلم- في غزاته فأخذت نمطاً فسترته على الباب، فلما قدم فرأى النمط عرفت الكراهية في وجهه، فجذبه حتى هتكه أو قطعه، وقال: "إن الله لم يأمرنا أن نكسو الحجارة والطين"، قالت: فقطعنا منه وسادتين وحشوتهما ليفاً فلم يعب ذلك علي.
وقد اختلف العلماء في حكم هذا الستر:
1 - فذهب جمهور الشافعية، ورواية عن الإمام أحمد -هي الأصح في مذهب الحنابلة كما ذكر ذلك ابن قدامة في المغني والمرداوي في تصحيح الفروع وغيرهما- إلى أن النهي للكراهة، ما لم يكن الستر حريراً أو فيه صور فيحرم ذلك.
ومحل الكراهة عند الحنابلة ما لم يكن هناك حاجة إليها كبرد وغيره، فإن كان هناك حاجة فلا كراهة لخروجه عن حد الإسراف، فهو كلبس الثياب.
وما ذكر من القول بعدم تحريم ستر الجدر هو الذي يظهر من مذهب الحنفية؛ فقد جاء في البحر الرائق (8/ 216): (وله أن يستر الجدار باللبد وغيره).
وفي ملتقى الأبحر مع شرحه مجمع الأنهر (2/ 556): (ولا بأس بستر حيطان البيت باللبود .. للبرد)؛ لأن فيه منفعة (ويكره للزينة، وكذا إرخاء الستر على البيت)، يعني لا يكره إذا كان لدفع البرد ويكره إن كان للتكبر).
ويظهر –أيضاً- أن هذا هو مذهب المالكية؛ فقد قالوا في كتاب الوليمة: وليس من المنكر ستر الجدران بحرير إذا لم يستند إليه. انظر: الشرح الصغير (2/ 380)، والشرح الكبير (2/ 337).
2 - وذهب بعض الشافعية -منهم الشيخ أبو نصر المقدسي- والإمام أحمد في رواية عنه إلى أن النهي للتحريم، ومن أهم أدلتهم حديث عائشة –رضي الله عنها-.
¥