لو أدرت لسان العرب لم تجد ما يقوم مقام "حتى"
فهذا الحرف أنشأ توسعا دلاليا مذهلا:
1 - توسعا في زمن التكاثر.
2 - توسعا في المتكاثر به.
فعلى الأول يكون المعنى أن المخاطبين قد ألهاهم التكاثر طيلة حياتهم ولزمهم حتى ماتوا وزاروا القبور.
وعلى الثاني يكون المعنى أن المخاطبين وسعوا دائرة ما تكاثروا به حتى ذهبوا إلى المقابر لإحصاء الأموات منهم .. :
قال ابن عباس ومقاتل والكلبي: نزلت في حَيَّيْن من قريش: بني عبد مَناف، وبني سَهْم، تعادُّوا وتكاثروا بالسادة والأشراف في الإسلام، فقال كل حيّ منهم نحن أكثر سيداً، وأعز عزيزاً، وأعظم نفراً، وأكثر عائذاً، فكَثَرَ بنو عبد مناف سهماً. ثم تكاثروا بالأموات، فَكَثَرَتْهُمْ سَهْم، فنزلت {أَلْهَاكُمُ التكاثر} بأحيائكم فلم ترضَوا {حتى زُرْتُمُ المقابر} مفتخرين بالأموات.
فتكون "حتى"أنشأت تنديدا بوصفين قبيحين عند هؤلاء:
-الغفلة بمقتضى المعنى الأول
-والسفاهة بمقتضى المعنى الثاني.
5 - المقابر:
لو أدرت لسان العرب لم تجد ما يقوم مقام "المقابر"
فالمقابر جمع مقبرة،والمقبرة مجتمع القبور .. فتكون المقبرة جمعا لمجاميع ..
وهذا التوسيع يراد له أن يكون مقابلا للتكاثر الذي امتد في الزمان والمكان.
قالت بنت الشاطيء:
"واستعمالها هنا –أي المقابر-يقتضيه معنويا، أنه اللفظ الملائم للتكاثر، الدال على مصير ما يتكالب عليه المتكاثرون من متاع دنيوي فان .. هناك حيث مجتمع القبور ومحتشد الرمم ومساكن الموتى على اختلاف أعمارهم وطبقاتهم ودرجاتهم وأزمنتهم".
أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ {1} حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ {2}
هذه خمس كلمات فقط .. فمن يستطيع أن يأتي بمثلها ..
إنه الإعجاز في صورته الباهرة!!
هامش:
ورد في المقال مفهوم النص المصطنع يلتمس معناه في هذا الرابط
http://www.ahlalhdeeth.cc/vb/showthread.php?t=106205