ولا يفطر بالنوم وإن استغرق النهار كله ولا بالإغماء إذا أفاق لحظة في النهار بشرط أن توجد منه النية في وقتها ولا بالفصد والحجامة ولا بدخول عين إلى الجوف بواسطة الحقنة الجلدية المستعملة عند الطباء الآن المسماة بالإبرة وبالشرنكة فلا فطر فيها ولو أخذت في العضل أو في الوريد كما هو الظاهر.
مسألة: سألت شيخي عن ما يسمونه (بالبخاخ يستعمل لمن معه مرض الربو) فقال لي:
يفطر به ولكن إن احتاج إليه يفعله ولا يمنع منه ثم يقضي مكانه يوما آخر. ثم قال:
فَالْفِطْرَ عَجِّلْ وَالسُّحُوْرَ أَخِّرِ ... وَقَوْلَ هُجْرٍ في الصِّيَامِ فَاهْجُرِ
أي يعجل في الفطور إذا تحقق غروب الشمس ويكره تأخيره إن قصد ذلك ورأى أن فيه فضلة ويسن كونه على رطب وإلا فعلى تمر وإلا فعلى ماء.
ويسن تأخير السحور ما لم يقع في شك من طلوع الفجر ويحصل بقليل الطعام ولو بجرعة ماء.
ويهجر الكلام الفاحش في رمضان وفي غيره وهو آكد في رمضان.
-قال الشيخ حسن حبنكة رحمه الله تعالى:
هذا وإن أبناء الزمن الحاضر يعدون لشهر الصوم كل طعام نفييس وشراب لذيذ ويشغلون ليله في تهيئة السحور ونهاره في تحضير الفطور حتى إذا مُد الخوان حَارَ الآكِلُ في كثرة الألون والمشتهيات فلا يدري من أين يأكل فيقوم عن الطعام وقد تَخِمَ من الإكثار والاختلاط فإذا قام إلى الصلاة قام كَسِلاً لا يذوق لها لذة ولا يَشَمُّ لها رائحة خشوع وربما تفوته الصلاة بالكلية ولا سيما من أَلِفَ الجلوس في المقاهي والطرقات. أما شارب الدخان فيجعل فطوره عليه ويختم سحوره به.
قال شيخنا صادق حبنكة رحمه الله تعالى: الآن لم يبق هناك مقاهي ولكن كَثُرَ التلفاز فترى الناس يمضون وقتا طويلا على هذا الشيء ويتركون العلم والعبادة.
فإنا لله وإنا إليه راجعون. قال:
وَالصَّوْمُ في الْعِيْدَيْنِ وَالتَّشْرِيْقِ لَمْ ... يَجُزْ بِحَالٍ وَالْفَسَادُ فِيْهِ عَمّْ
وَيَوْمَ شَكٍّ مِثْلُهَا فَلْيُمْنَعِ ... مَا لَمْ يُوَافِقْ عَادَةَ التَّطَوُّعِ
أَوْ صَامَهُ عَنْ نَذْرِهِ أَوْ عَنْ قَضَا ... أَوْ كَانَ عَنْ كَفَّارَةٍ فَيُرْتَضَى
لَكِنْ عَلَى ذِي الرُّؤْيَةِ الْمُحَقَّقَهْ ... صِيَامُهُ وَكُلِّ مَنْ قَدْ صَدَّقَهْ
يوم الشك يحرم صيامه إلا أن يوافق عادةً له بأن كان يصوم الاثنين أو الخميس فيُسَنُّ صيامه في حقه إن وافق ذلك أو كان عليه قضاء فيجب صيامه ومثله النذر. قال:
فَصْلٌ في مُوْجِبِ الْكَفَّارَةِ وَالْفِدْيَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ
وَمَنْ يُجَامِعْ عَامِدًا نَهَارَهْ ... فَبِالْقَضَا أَلْزِمْهُ وَالْكَفَّارَهْ
إِعْتَاقُ عَبْدٍ مُؤْمِنٍ وَمَا بِهِ ... عَيْبٌ يُخِلُّ بَعْدُ بِاكْتِسَابِهِ
لَكِنَّهُ إِنْ لَمْ يَجِدْ يَصَوْمُ ... شَهْرَيْنِ مَعْ تَتَابُعٍ يَدُوْمُ
أَوْ لَمْ يُطِقْ فَلْيُطْعِمَنْ مِمَّا غَلَبْ ... سِتِّيْنَ مِسْكِيْنًا لِكُلٍّ مُدُّ حَبّْ
وَبَعْدَ ذَا لَمْ يَسْقُطِ الْوُجُوْبُ ... بِالْعَجْزِ لَكِنْ يَسْقُطُ التَّرْتِيْبُ
-عامدا: مختارا عالما بالتحريم في فرج ولو دبرا من آدمي وغيره.
-نهاره: أي في نهار رمضان وهو مكلف صائم آثم بالجماع بسبب الصوم.
قال في كفاية الأخيار: تجب الكفارة على من أفسد يوما من رمضان بجماع تام آثم به لأجل الصوم. وفي هذا الضابط قيود:
منها الإفساد: فمن جامع ناسيا لم يفطر على المذهب فلا كفارة حينئذ.
وقوله بجماع: احترز به عن الأكل والشرب وغيرهما فإنه لا تلزمه الكفارة.
وقوله تام: وقد ذكره الغزالي احترازا عن المرأة فإنه لا يلزمها كفارة لأنها تفطر بمجرد دخول الحشفة. وقوله آثم به: احترازٌ عن المسافر فيما إذا جامع بنية الترخص فإنه
لا يأثم وكذا بغير الترخص على الصحيح لأن الإفطار مباح له فيصير شبهة في درء الكفارة .... إلخ كلامه رحمه الله.
فرع: لا كفارة على من جامع عامدا بعد الأكل ناسيا وظن أنه أفطر بالأكل لأنه يعتقد أنه غير صائم وإن كان الأصح بطلان صومه بهذا الجماع كما لو جامع على ظن بقاء الليل فبان خلافه.
وكذا لا كفارة على من أفطر عامدا ليجامع ثم جامع زوجته لأنه أفطر بغير الجماع ولكن عليه الإثم لانتهاك حرمة الشهر. والله تعالى أعلم.
¥