ـ[أبو محمد الأنصاري]ــــــــ[13 - 01 - 08, 01:49 ص]ـ
ما ذكرته شيخنا الغامدي بارك الله فيك من الحديث الذي نوهت إلى أنه يحتاج إلى النظر في إسناده إن كان مقصودك منه الإشارة إلى نسبة عداوة الشيطان لله من قوله – صلى الله عليه وسلم -
فيكفيك منه ما في الصحيح من حديث أبي الدرداء قال: " قام رسول الله (صلى الله عليه وسلم) [يصلي] فسمعنا يقول: أعوذ بالله منك ثم قال ألعنك بلعنة الله ثلاثا وبسط يده كأنه يتناول شيئا فلما فرغ من الصلاة قلنا: يارسول الله قد سمعناك تقول في الصلاة شيئا لم نسمعك تقوله قبل ذلك ورأيناك بسطت يدك؟ قال: " ان عدو الله إبليس جاء بشهاب من نار ليجعله في وجهي فقلت أعوذ بالله منك ثلاث مرات ثم قلت: ألعنك بلعنة الله التامة فلم يستأخر ثلاث مرات ثم أردت أخذه والله لولا دعوة أخينا سليمان لأصبح موثقا يلعب به ولدان أهل المدينة " - والسياق لمسلم والزيادة للنسائي والبيهقي.
وقد جاء كذلك في غير ما حديث منه ما في قصة العقبة من حديث كعب بن مالك قال: .... فلما بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صرخ الشيطان بأنفذ صوت سمعته يا أهل الحباحب - والحباحب المنازل - هل لكم في مدمم والصباة معه قد أجمعوا على حربكم قال ما يقول محمد قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا أزب العقبة هذا ابن أرنب أتسمع أي عدو الله أما والله لأفرغن لك ... الحديث قال في مجمع الزوائد رواه أحمد والطبراني بنحوه ورجال أحمد رجال الصحيح غير ابن إسحاق وقد صرح بالسماع
وفيما أخرج الحاكم عن يعلى بن مرة عن أبيه قال: ... وأتته امرأة فقالت: إن ابني هذا به لمم منذ سبع سنين يأخذه كل يوم مرتين فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ادنيه. فأدنته منه فتفل في فيه وقال: اخرج عدو الله أنا رسول الله ... الحديث (قال الألباني في السلسلة الصحيحة 485 والحديث بهذه المتابعات جيد)
ومن حديث عثمان بن أبي العاص قال: لما استعملني رسول الله صلى الله عليه وسلم على الطائف، جعل يعرض لي شيء في صلاتي، حتى ما أدري ما أصلي! فلما رأيت ذلك رحلت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: " ابن العاص؟ ". قلت: نعم يا رسول الله! قال: " ما جاء بك؟ ". قلت: يا رسول الله! عرض لي شيء في صلاتي حتى ما أدري ما أصلي! قال: " ذاك الشيطان، ادنه ". فدنوت منه، فجلست على صدور قدمي، قال: فضرب صدري بيده، و تفل في فمي و قال: "اخرج عدو الله! ". ففعل ذلك ثلاث مرات، ثم قال: " الحق بعملك ". قال الألباني أخرجه ابن ماجه (3548) و الروياني في " مسنده " (ق 148/ 1 - 2) كلاهما بإسناد واحد عنه. و هو إسناد صحيح.
لكن البحث شيخنا في عدم ذكر الله تعالى لعداوة إبليس له في القرآن.
وقد بان لي – والحمد لله – شيئاً من ذلك أسأل الله العلى الكبير أن يكون صواباً وهو عند قول الحق تبارك وتعالى:
وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآَدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ لَمْ يَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ (11) قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ (12) قَالَ فَاهْبِطْ مِنْهَا فَمَا يَكُونُ لَكَ أَنْ تَتَكَبَّرَ فِيهَا فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنَ الصَّاغِرِينَ (13) الأعراف
ففي قوله تعالى {ولقد مكناكم في الأرض} تذكيراً بنعمة إيجاد النّوع، وهي نعمة عناية، لأنّ الوجود أشرف من العدم، بقطع النّظر عما قد يعرض للموجود من الأكدار والمتاعب، وبنعمة تفضيله على النّوع بأنْ أمَر الملائكة بالسّجود لأصله، وأُدمج في هذا الامتنان تنبيهٌ وإيقاظ إلى عداوة الشّيطان لنوع الإنسان من القِدم، ليكون ذلك تمهيداً للتّحذير من وسوسه وتضليله، وإغراء بالإقلاع عمّا أوقع فيه النّاس من الشّرك والضّلالة، وفي قوله تعالى: {يا بني آدم لا يفتننكم الشيطان كما أخرج أبويكم من الجنة ينزعُ عنهما لباسهما} [الأعراف: 27] ومَا تلاه من الآيات، فلذلك كان هذا بمنزلة الاستدلال وُسِّط في خلال الموعظة وذلك أنك لو أعلمت بأن شخصاً قام بتجريد والديك من ملابسهما ليرهما عوارتهما فكم يكون ذلك مؤسفاً لك مشعلاً لنار العداوة لهذا الشخص لذا جاء التذكير بذلك، مع اثبات عداوته لك أنت
¥