تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[حول استحباب درس الجمعة للشيخ الفاضل محمد حاج عيسى -حفظه الله -]

ـ[سمير زمال]ــــــــ[13 - 10 - 08, 05:05 م]ـ

حول مقالة بعنوان استحباب درس الجمعة

لشمس الدين بوروبي

هل كان الشيخ أحمد حماني حشويا؟

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: فقد اطلعت على ما نشر في يومية الخبر بتاريخ 23 رمضان 1429 الصفحة 24، تحت عنوان:''استحباب درس الجمعة''، فكان لزاما علي أن أكتب توضيحا، أقول فيه: مسألة مشروعية درس الجمعة مسألة تجدد فيها الخلاف واحتدم قبل قرابة ثماني سنوات، وكتبت فيها بحثا وافيا، جمعت فيه أكثر ما قيل فيها وما ورد، مما هو لي وعلي في بحث منهجي قسمته على أربعة مباحث: الأول أدلة من التدريس قبل خطبة الجمعة، من أنكر هذا الدرس من أهل العلم، الرد على شبهات المخالفين، حكم من أكره على فعله، فأتى هذا الكاتب فأخذ من الكتاب ما يروق له من روايات ونصوص لم تكن تخطر له على بال والفضل لله وحده. وأول شيء أبدأ به وصفه من أنكر مشروعية درس الجمعة بالحشوية مع أنه قرأ في الكتاب الفصل الذي خصصته لأقوال أهل العلم، وذكرت أقدمهم الإمام عبد الرحمن بن مهدي تلميذ الإمام مالك رحمهما الله تعالى، وذكرت بعده من أهل العلم الجزائريين الشيخ محمد الصالح بن عتيق رحمه الله، العضو السابق في المجلس الإسلامي الأعلى، والشيخ أحمد بري رحمه الله، والشيخ أحمد حماني رحمه الله، الذي أيد أحمد بري وزكى بحثه المنشور في جريدة المساء بتاريخ 03 جانفي 1990 والذي قال فيه: ''ولهذا أقول بكل قوة واطمئنان إن هذه الدروس بدعة بصفتها التي وصفت بها، وهي الضلالة التي جاءت بدعيتها .. إن هذا التخصيص لا يوجد ما يدل عليه في السنة النبوية ولا في عمل السلف الصالح، بل يوجد ما يدل على خلافه لأن التزام الأمور غير اللازمة شرعا يفهم من التزامها أنها تشريع. ومن له حق التشريع؟ ومن ينكر أن التزام غير اللازم لا يفهم منه التشريع؟ ولهذه الأسباب وسدا للذريعة تعد دروس الوعظ في مسألتنا في وقتها المخصوص المقرون بخطبتي الجمعة بدعة محدثة، والبدعة المحدثة في مجال العبادات والقربات تبقى بصفتها التي وصفت بها وهي الضلالة''. فهل هؤلاء الأعلام من الحشوية عنده؟

ومع أن الكاتب يزعم أن السلف أجمعوا فلا أدري أين وجد هذا الإجماع، وهو لو كان على دراية بعلم الفقه والأصول لعلم صعوبة دعوى الإجماع فيما هو أشهر من هذه المسألة، والمعروف الذي لا ينكر ما قاله الشيخ أحمد بري: ''إن هذا التخصيص لا يوجد ما يدل عليه في السنة النبوية ولا في عمل السلف الصالح''؟

وينكر الكاتب علي أن قلت: ''إن هذه المسألة بهذه الصورة أصبحت تشريعا يضاهي أحكام الله تعالى''. أعني مع وجود الإلزام بها فضلا عن الالتزام، وهو عين ما قاله أحمد بري: ''ومن ينكر أن التزام غير اللازم لا يفهم منه التشريع؟ '' وحقيقة البدعة كما قال الشاطبي: ''طريقة في الدين مخترعة تضاهي الشرعية، يقصد بالسلوك عليها الزيادة في التعبد''، ومعنى تضاهي تشابه! والكاتب أظهر لنا هنا أنه لا يعرف حد البدعة ولا معنى المضاهاة، ويقول الكاتب: ''وكلكم يعلم ما حكم مضاهاة أحكام الله في الشريعة الإسلامية''، حكمها الابتداع وليس الكفر كما فهمه الكاتب، وأما قوله: ''ولعلكم فهمتم لماذا ضرب أئمتنا ولماذا كفروا ولماذا ضللوا ولماذا تعدي عليهم في المساجد بل ولماذا قتلوا وذبحوا ذبح النعاج''، فمفهوم ومعلوم ما المراد منه؟ ولست أحتاج أن أدافع عن نفسي.

وفي مبحث حكم من أكره على فعل هذا الدرس من الأئمة، بينت أن الإكراه لا يجوز وأنه تعد على الحريات الفكرية، كما بينت أنه يجوز للأئمة فعله اضطرارا، وفي الوقت ذاته لا يجوز لهم بتاتا أن يفتوا بجوازه ما داموا يعتقدون بدعيته، لأن ذلك يعتبر تحليلا لما تعتقدون حرمته، واستشهدت بكلام لابن تيمية في هذه القضية الأخيرة، فعلق الكاتب: ''هكذا تحولت سنة حميدة ثابتة عن السلف والخلف، إلى ردة توجب الكفر والعقوبة في الدنيا والآخرة''، وهذا إما سوء فهم، وإما تلبيس متعمد، وأحلاهما مر لأنه لا يحق لمن لا يفهم الكلام العربي أن يتكلم في مسائل الشريعة، فإنه ثمة بونا شاسعا بين أن تقول: ''من ترك الجمعة كافر'' وأن تقول: ''من استحل ترك الجمعة كافر''. وفي موضع بيان حكم هذا الدرس صرحت بأنه من البدع الإضافية، ولم أقل إنه ردة كما زعم هذا المبطل.

قال أحمد بري: ''ولهذا أقول بكل قوة واطمئنان إن هذه الدروس بدعة بصفتها التي وصفت بها وهي الضلالة التي جاءت بدعيتها''، هل معنى هذا أن أحمد بري كان يبدع شيخه الإبراهيمي، ولما أيده أحمد حماني هل معنى ذلك أنه يضلل شيخه ابن باديس؟ طبعا هذا تساؤل وشبهة ترد على كثير من الناس، وهذا ما أجبت عنه في مطلب خاص قلت فيه: ''فهذا الدرس بالنسبة لأهل ذلك الزمان بمثابة الميتة التي يجوز أكلها للمضطر، وما جاز في مثل هذه الحال لا يعني جوازه بكل حال، فضلا عن أن يفرض فرضا''.

فأنكر الكاتب قولي: ''بمثابة الميتة'' أي في الجواز، وكان بإمكاني أن أقول: ''بمثابة حرق الخضر عليه السلام للسفينة''، والمقصود واضح ولا يعني ذلك تشبيه الدرس بالميتة من كل وجه إلا عند من لا يفهم العربية، وهذا أسلوب معروف عند الفقهاء، ومن ذلك قول مسروق من كانت تحته أمة فوجد سعة ونكح حرة طلقت الأمة وحرمت عليه كالميتة تكون عند المضطر ثم يجد ما يأكل.

نسأل اللّه لنا ولهم الهداية والتسديد.

المصدر جريدة الخبر

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير