وقال رحمه الله تعالى: ((قطع السلف لاتخاذ المزارات: وقد علمت الحكم في البناء على القبور (أي تحريم ذلك) وحكمته، وأجمع الصحابة على العمل به)) (نفس المصدر ص246)
وقال إمام أهل السنّة في المغرب الشيخ العلامة محمّد تقي الدين الهلاليعليه رحمة لله عند تعليقه على حديث النبي صلى الله عليه وسلّم: ((لا تتخذوا قبري عيدا و لا بيوتكم قبورا، و صلوا علي فإن صلاتكم تبلغني)): في هذا الحديث فوائد: ((الثانية: تشبيه النبي صلى الله عليه وسلّم البيت الذي لا يصلى فيه و لا يقرأ فيه القرآن بالمقبرة دليل مفهومه النهي عن الصلاة و قراءة القرآن في المقابر، و قد مر التصريح بذلك في الأحاديث السابقة)) اهـ (الحسام الماحق لكل مشرك ومنافق للشيخ الهلالي).
وقال الإمام المحدّث الرباني محمّد ناصر الدين الألباني عليه رحمة الله: ((أما شمول الأحاديث للنهي عن الصلاة في المساجد المبنية على القبور فدلالتها على ذلك أوضح وذلك لأن النهي عن بناء المساجد على القبور يستلزم النهي عن الصلاة فيها من باب أن النهي عن الوسيلة يستلزم النهي عن المقصود بها والتوسل بها إليه مثاله إذا نهى الشارع عن بيع الخمر فالنهي عن شربه داخل في ذلك كما لا يخفى بل النهي عن من باب أولى. ومن البين جدا أن النهي عن بناء المساجد على القبور ليس مقصودا بالذات كما أن الأمر ببناء المساجد في الدور والمحلات ليس مقصودا بالذات بل ذلك كله من أجل الصلاة فيها سلبا أو إيجابا يوضح ذلك المثال الآتي: لو أن رجلا بنى مسجدا في مكان قفر غير مأهول ولا يأتيه أحد للصلاة فيه فليس لهذا الرجل أي أجر في بنائه لهذا المسجد بل هو عندي آثم لإضاعة المال ووضعه الشئ في غير محله. فإذا أمر الشارع ببناء المساجد فهو يأمر ضمنا بالصلاة فيها لأنها هي المقصودة بالبناء وكذلك إذا نهى عن بناء المساجد على القبور فهو ينهى ضمنا عن الصلاة فيها لأنها هي المقصودة بالبناء أيضا وهذا بين لا يخفى على العاقل إن شاء الله تعالى)) اهـ.
وقد جعل الشيخ سيّد سابق رحمه الله المقبرة من المواضع المنهي عن الصلاة فيها فقال بعد أن نقل الأحاديث المتقدّمة: ((وعند الظاهرية النهي محمول على التحريم، وأنّ الصلاة في المقبرة باطلة، (هامش) وهذا هو الظاهر الذي لا ينبغي العدول عنه بحال، فالأحاديث صحيحة صريحة في تحريم الصلاة عند القبر سواء أكان القبر واحدا أم أكثر.)) (فقه السنّة 1/ 190 - 191 دار المؤيد، الأولى 1422هـ)
وقال فضيلة الشيخ أبو بكر جابر الجزائريحفظه الله: ((يحرم بناء المساجد على القبور، واتخاذ السرج عليها)) (منهاج المسلم ص214 دار الفكر سنة 1424هـ)
وسئل سماحة الشيخ العلامة صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله عضو هيئة كبار العلماء بالسعودية:
وجدت في كتاب " الرَّوض المُربِع " للإمام أحمد بن حنبل أنَّ سبعة أماكن لا تجوز فيها الصلاة، ومن هذه الأماكن المقبرة، وعندنا في بلدنا يصلُّون على الميِّت في المقبرة قبل الدَّفن؛ فما حكم ذلك؟
فأجاب: السائل يقول: وجدتُ في " الرَّوض المُربِع " للإمام أحمد بن حنبل، والكتاب المذكور ليس للإمام أحمد بن حنبل، لكنَّه لأحد مشايخ مذهب الإمام أحمد بن حنبل، وهو منصور بن يونُسَ البَهوتيُّ، شرح فيه " زاد المُستنقع " للشيخ موسى بن سالم الحجاويِّ، والكتاب المذكور وأصله كلاهما على المشهور من مذهب الإمام أحمد بن حنبل عند المتأخِّرين من أصحابه.
ومن المواضع التي ذُكر أنَّ الصلاة لا تصحُّ فيها: المقبرة، وهي مَدفَنُ الموتى.
وقد ورد ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أخرجه الترمذيُّ؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (الأرضُ كلُّها مسجدٌ؛ إلا المقبرة والحمَّام) (رواه الترمذي في " سننه " (1/ 431 - 432) من حديث أبي سعيد الخدري، ورواه أبو داود في " سننه " (1/ 130) من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه.).
وروى مسلم عن أبي مرثدٍ الغنويِّ رضي الله عنه؛ أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: (لا تجلسوا على القبور، ولا تُصلُّوا إليها) (رواه مسلم في " صحيحه " (2/ 668) من حديث أبي مرثد الغنوي رضي الله عنه.).
¥