تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وذكر الآمدي وغيره: أنّه لا تجوز الصلاة فيه، أي المسجد الذي قبلته إلى القبر، حتى يكون بين الحائط والمقبرة حائل آخر. وذكر بعضهم هذا منصوص أحمد.)) (الإختيارات الفقهية من فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية للعلامة البعلي رحمه الله ص46 دار الكتب العلمية الطبعة الأولى 1416هـ)

هذا وقد زعم صاحب الوريقات المشؤومة أنّ معنى قول النبي صلى الله عليه وسلّم (لا تجلسوا على القبور، ولا تُصلُّوا إليها) (رواه مسلم في " صحيحه " (2/ 668) من حديث أبي مرثد الغنوي رضي الله عنه.) أي: السجود لها تعظيما لها وعبادة لها!

قلتُ: وهذا تحريف واضح لمعنى الحديث وصرف واضح للحديث عن ظاهره، فإنّ النبي صلى الله عليه وسلّم قال: ((لا تصلّوا إليها)) ولم يقل: ((لا تصلّوا لها)) وفرق بين العبارتين واضح للعيان، إذ الأوّل يقتضي النهي عن الصلاة إلى القبور مطلقا بغض النظر عن قصد المصلّي والثاني يقتضي النهي عن عبادتها، لذلك قال الشيخ عبد العزيز بن ريّس الريّس حفظه الله تعالى: (والسجود للقبور والأوثان شرك أكبر بالإجماع، أما السجود عندها أو إليها (قدامها) لا لها ليس شركاً أكبر، ففرق بين السجود للشيء والسجود إليه، قال ابن تيمية: والساجد للشيء يخضع له بقلبه، ويخشع له بفؤاده. وأما الساجد إليه فإنما يولي وجهه وبدنه إليه ظاهراً كما يولي وجهه إلى بعض النواحي إذا أمه ا. هـ (4/ 358)) (الأجوبة العلمية على المسائل الإيمانية للشيخ عبد العزيز الريّس)

فهل بعد هذا البيان من شك في كون المسجد المبني في المقبرة من جنس المساجد المنهي عن الصلاة فيها؟! فما بال أقوام يسمعون أحاديث الرسول الكريم في تحريم بناء المساجد في المقابر بل ولعن من فعل ذلك وعدّه من شرار الخلق يوم القيامة ويسمعون كلام هؤلاء الأئمة العظام شيوخ الإسلام وسيوف السنّة كالإمام أحمد وابن تيمية وابن القيّم وابن عبد الوهاب وعبد الرحمن بن حسن آل الشيخ والشوكاني والقاسمي والنووي وابن باديس والألباني وغيرهم وهم يقررون بطلان الصلاة في مثل هذه المساجد ويأمرون من صلى فيها بإعادة صلاته وإن لم يقصد تعظيم القبور ولا أصحابها ثمّ نراهم أفواجا أفواجا يتوافدون إلى هذا المسجد؟! ما هو السرّ في هذا؟! نسأل الله العافية.

أمّا احتجاج صاحب الوريقات بكون قبر النبي صلى الله عليه وسلّم في مسجده وأنّ الصحابة لم ينكروا ذلك فباطل وهو من التزوير والقلب للحقائق!

قال العلامة الحافظ محمد ابن عبد الهادي رحمه الله في ((الصارم المنكي)) (ص 136): ((وإنما أدخلت الحجرة في المسجد في خلافة الوليد بن عبدالملك بعد موت عامة الصحابة الذين كانوا بالمدينة وكان آخرهم موتا جابر بن عبدالله وتوفي في خلافة عبدالملك فإنه توفي سنة ثمان وسبعين والوليد تولى سنة ست وثمانين وتوفي سنة ست وتسعين فكان بناء المسجد وإدخال الحجرة فيه فيما بين ذلكوقد ذكر أبو زيد عمر بن شبة النميري في " كتاب أخبار المدينة " مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم عن أشياخه عمن حدثوا عنه أن ابن عمر بن عبد العزيز لما كان نائبا للوليد على المدينة في سنة إحدى وتسعين هدم المسجد وبناه بالحجارة المنقوشة بالساج وماء الذهب وهدم حجرات أزواج النبي صلى الله عليه وسلم وأدخل القبر فيه)).

وخلاصة القول كما قال الشيخ الألباني عليه رحمة الله أنه ليس لدينا نص تقوم به الحجة على أن أحدا من الصحابة كان في عهد عملية التغيير هذه فمن ادعى خلاف ذلك فعليه الدليل وأنّى له ذلك!

وأما قول صاحب الوريقات المشؤومة: ((ولم ينكر أحد من السلف ذلك)).

فنقول: وما أدراك بذلك؟ وإلا فقد قال الحافظ ابن كثير في تاريخه (9/ 75) بعد أن ساق قصة إدخال القبر النبوي في المسجد: " ويحكي أن سعيد بن المسيب أنكر إدخال حجرة عائشة في المسجد كأنه خشي أن يتخذ القبر مسجدا"والحقيقة أن قولهم هذا يتضمن طعنا ظاهرا لو كانوا يعلمون في جميع السلف لأن إدخال القبر إلى المسجد منكر ظاهر عند كل من علم بتلك الأحاديث المتقدمة وبمعانيها ومن المحال أن ننسب إلى جميع السلف جهلهم بذلك فهم أو على الأقل بعضهم يعلم ذلك يقينا وإذا كان الأمر كذلك فلا بد من القول بأنهم أنكروا ذلك ولو لم نقف فيه على نص لأن التاريخ لم يحفظ لنا كل ما وقع فكيف يقال: إنهم لم ينكروا ذلك؟ اللهم غفرا. (بتصرّف من تحذير الساجد

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير