[تأملات في آي القرآن الكريم]
ـ[أبو محمد الأنصاري]ــــــــ[13 - 01 - 08, 02:08 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله حمداً يكافئ نعمه ويوافي مزيده، والصلاة والسلام على عبده ورسوله محمد المبعوث بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن سار على نهجه واتبع هداه.
وبعد
فهذه منظومة أردت طرحها ليتم تفعيلها بإذن تعالى من إخواننا في الملتقى، وهذه المنظومة ليس لها موضوع ثابت وإنما موضوعها القرآن كله، فهي تأملات في أيات الرحمن جل وعلا، لا ترتبط بترتيب معين، وقد يكون الحديث عن أية أو أيتين أو ثلاث أو عن السورة كلها، قد تكون أية سمعتها في صلاتك فحفرت في قلبك معنىً معين، وقد تكون سمعت لها تفسيراً فتركت معك شجوناً، وقد تكون سورة هي سبب هدايتك فأنت تردد تلاوتها أو سماعها، والحياة في ظل هذا الكتاب العظيم ماتعة ماتعة ولا يعرف إلا من جرب، فكثير من لاموا على حب ليلى، فلما رأو جمالها إذ هم بحسنها يتمثلوا، وقد لام امرأة العزيز من لما رأى يوسف قطعن أيديهن، وما راءٍ كمن عرفا، فلنبدأ أيه الأحبة ببث هذه الروح فينا من جديد لنذكر أنفسنا وغيرنا بما في كتاب ربنا من كفاية لنا في جميع شأننا فإن أهل الأرض يلجئون إلى ملوك الأرض في حاجياتهم فليجأ أهل القرآن إلى منزل القرآن في حاجياتهم، ولا يعطلوا العمل فإن من رزق مريم بغير حساب لما كانت عذراء، قال لها وهزي إليك بالجزع لما صارت نفساء، تعالوا نحي موات قلوبنا بالحياة في ظل كتاب ربنا لعله أن تنالنا منه رحمة فيقول اذهبوا ... اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم ..... اللهم اغفر لنا ولأبائنا وأمهاتنا وأهلينا والمسلمين وصلى اللهم وسلم وزد وبارك على عبدك ونبيك محمد وآله وتابعيه بإحسان إلى يوم الدين.
================================================== ======
سورة الكهف
تضمنت هذه السورة المباركة المباركة الحديث عن أربع فتن والتنبيه عليها وهذه الفتن من الأهمية بمكان فما من إنسان إلا وهو مبتلى بواحدة منهن وقد سيقت كل واحدة منهن مساق القصة لأن وقع القصة في النفس معروف من التسلية لمستمعها بما يواسيه في حاله ومن الاعتبار بمآل أطرافها ليحذر من كان على مثل حالهم وهذه الفتن هي:-
1 - فتنة الدين [وقد تحدثت عنها السورة في إطار قصة أهل الكهف]
2 - فتنة المال [وقد تحدثت عنها السورة في إطار قصة أصحاب الجنتين]
3 - فتنة العلم [وقد تحدثت عنها السورة في إطار قصة موسى والخضر عليهما السلام]
4 - فتنة الملك [وقد تحدثت عنها السورة في إطار قصة ذي القرنين]
وقد بدأت السورة بحمد الله تعالى على إنزال الكتاب وذلك لما فيه من النفع العظيم لهذه الأمة – ربنا فلك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك ولعظيم سلطانك – وتدبر قول الحق {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنزَلَ} ففي وصفه تعالى بالاسم الموصول [الذي] إشعار بعلية ما في حيز الصلة لاستحقاق الحمد الدال عليه اللام، وإيذان بعظم شأن التنزيل الجليل كيف لا وهو الهادي إلى الكمال الممكن في جانبي العلم والعمل وفي التعبير عن الرسول صلى الله عليه وسلم بالعبد مضافاً إلى ضميره تعالى من الإشارة إلى تعظيمه عليه الصلاة والسلام، وكذا تعظيم المنزل عليه ما فيه، وفيه أيضاً إشعار بأن شأن الرسول أن يكون عبداً للمرسل لا كما زعمت النصارى في حق عيسى عليه السلام وتأخير المفعول الصريح عن الجار والمجرور مع أن حقه التقديم عليه ليتصل به قوله تعالى {وَلَمْ يَجْعَل لَّهُ عوجاً}
وتدبر أيضاً ربط الإنزال بسيدنا محمد عبد الله ورسوله وفيه أن إنزال الكتاب نعمة عليه – صلى الله عليه وسلم - ونعمة علينا، أما كونه نعمة عليه فلأنه تعالى أطلعه بواسطة هذا الكتاب الكريم على أسرار علوم التوحيد والتنزيه وصفات الجلال والإكرام وأسرار أحوال الملائكة والأنبياء وأحوال القضاء والقدر، وتعلق أحوال العالم السفلي بأحوال العالم العلوي، وتعلق أحوال عالم الآخرة بعالم الدنيا، وكيفية نزول القضاء من عالم الغيب فلا شك أن ذلك من أعظم النعم، وأما كون هذا الكتاب نعمة علينا فلأنه مشتمل على التكاليف والأحكام والوعد والوعيد والثواب والعقاب، وبالجملة فهو كتاب كامل في أقصى الدرجات فكل واحد ينتفع به بمقدار طاقته وفهمه فلما كان كذلك وجب على الرسول وعلى جميع أمته أن يحمدوا الله على هذه
¥