تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

النعمة العظيمة.

قال الشافعي كل سورة افتتحت بالحمد فللإشارة إلى نعمة من أمهات النعم التي هي إيجاد وإبقاء أولاً، وإيجاد وإبقاء ثانياً، وأنه أشير في الفاتحة لكونها أم الكتاب إلى الأربع، وفي الأنعام إلى الإيجاد الأول وهو ظاهر، وفي هذه السورة إلى الإبقاء الأول، فإن نظام العالم وبقاء النوع الإنساني يكون بالنبي والكتاب.

وقد وصِف الكتاب بوصفين جامعين وهما أنه: غير ذي عوج: والعوج أنه العدول عن الحق الى الباطل، وعن الاستقامة إلى الفساد، وليس في هذا الكتاب أي شيئاً من العوج باختلال اللفظ من جهة الأعراب ومخالفة الفصاحة وتناقض المعنى فليس في آياته تناقض {وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ الله لَوَجَدُواْ فِيهِ اختلافا كَثِيراً} [النساء:82] كما أن كل ما ذكر الله من التوحيد والنبوة والأحكام والتكاليف فهو حق وصدق ولا خلل في شيء منها ألبتة فليس مشتملاً على ما ليس بحق أو داعياً لغير الله تعالى وليس في أخباره كذب، كما أنه هاد إلى كل صواب، وقد جاء لفظ عوج نكرة في سياق النفي فتعم كل عوج. والمقصود من هذه الجملة المعترضة أو الحالية إبطال ما يرميه به المشركون من قولهم افتراه، وأساطير الأولين، وقول كاهن، لأن تلك الأمور لا تخلو من عوج.

والفرق بين العوج بالكسر والعوج بالفتح أن العوج بكسر العين ما لا يدرك بالعين مما كان في الدين وفي الطريق وفيما ليس بقائم منتصب، والعوج بفتح العين ما يدرك بالعين مما كان في الخشبة وفيما كان قائماً منتصباً وقيل لا فرق بينهما.

{قيِّماً}: وهو المستقيم المعتدل، والمراد من هذا أنه معتدل لا إفراط فيما اشتمل عليه من التكاليف حتى يشق على العباد ولا تفريط فيه بأهمال ما يحتاج إليه حتى يحتاج إلى كتاب آخر كما قال سبحانه: {مَّا فَرَّطْنَا فِى الكتاب مِن شَىْء} [الأنعام: 38]، وهو قيم على سائر كتب الله تعالى يصدقها وينفي الباطل عنها، ولذا كان آخر الكتب المنزل على خاتم الرسل عليه الصلاة والسلام، كما أنه المعتمد عليه والمرجوع إليه كقيم الدار الذي يرجع إليه في أمرها، والمراد أنه قيماً بمصالح العباد متكفلاً بها وببيانها لهم لاشتماله على ما ينتظم به المعاش والمعاد وهو تأكيدا لما دل عليه نفي العوج، فربّ مستقيم في الظاهر لا يخلو عن أدنى عوج في الحقيقة، فهو كامل في نفسه [غير ذي عوج] ومكمل لغيره [قيّماً] ........ وللحديث صلة إن شاء الله تعالى

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير