تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ابن عيينة عن {عمرو بن دينار: سمعت جابر بن زيد يقول: سمعت ابن عباس يقول: صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ثمانيا جميعا وسبعا جميعا قال: قلت: يا أبا الشعثاء أراه أخر الظهر وعجل العصر وأخر المغرب وعجل العشاء قال: وأنا أظن ذلك}. فيقال: ليس الأمر كذلك؛ لأن ابن عباس كان أفقه وأعلم من أن يحتاج - إذا كان قد صلى كل صلاة في وقتها الذي تعرف العامة والخاصة جوازه - أن يذكر هذا الفعل المطلق دليلا على ذلك. وأن يقول: أراد بذلك ألا يحرج أمته. وقد علم أن الصلاة في الوقتين قد شرعت بأحاديث المواقيت. وابن عباس هو ممن روى أحاديث المواقيت {وإمامة جبريل له عند البيت. وقد صلى الظهر في اليوم الثاني حين صار ظل كل شيء مثله وصلى العصر حين صار ظل كل شيء مثليه}. فإن كان النبي صلى الله عليه وسلم إنما جمع على هذا الوجه فأي غرابة في هذا المعنى ومعلوم أنه كان قد صلى في اليوم الثاني كلا الصلاتين في آخر الوقت وقال {الوقت ما بين هذين} فصلاته للأولى وحدها في آخر الوقت أولى بالجواز. وكيف يليق بابن عباس أن يقول: فعل ذلك كيلا يحرج أمته والوقت المشهور هو أوسع وأرفع للحرج من هذا الجمع الذي ذكروه وكيف يحتج على من أنكر عليه التأخير لو كان النبي صلى الله عليه وسلم إنما صلى في الوقت المختص بهذا الفعل وكان له في تأخيره المغرب حين صلاها قبل مغيب الشفق وحدها وتأخير العشاء إلى ثلث الليل أو نصفه ما يغنيه عن هذا؟ وإنما قصد ابن عباس بيان جواز تأخير المغرب إلى وقت العشاء ليبين أن الأمر في حال الجمع أوسع منه في غيره. وبذلك يرتفع الحرج عن الأمة. ثم ابن عباس قد ثبت عنه في الصحيح أنه ذكر الجمع في السفر. وأن النبي صلى الله عليه وسلم جمع بين الظهر والعصر في السفر إذا كان على ظهر سيره. وقد تقدم ذلك مفصلا. فعلم أن لفظ الجمع في عرفة وعادته إنما هو الجمع في وقت إحداهما وأما الجمع في الوقتين فلم يعرف أنه تكلم به فكيف يعدل عن عادته التي يتكلم بها إلى ما ليس كذلك؟ وأيضا فابن شقيق يقول: حاك في صدري من ذلك شيء فأتيت أبا هريرة فسألته فصدق مقالته. أتراه حاك في صدره أن الظهر لا يجوز تأخيرها إلى آخر الوقت؟ وأن العصر لا يجوز تقديمها إلى أول الوقت؟ وهل هذا مما يخفى على أقل الناس علما حتى يحيك في صدره منه؟ وهل هذا مما يحتاج أن ينقله إلى أبي هريرة أو غيره حتى يسأله عنه؟ إن هذا مما تواتر عند المسلمين وعلموا جوازه. وإنما وقعت شبهة لبعضهم في المغرب خاصة وهؤلاء يجوزون تأخيرها إلى آخر وقتها: فالحديث حجة عليهم كيفما كان وجواز تأخيرها ليس معلقا بالجمع بل يجوز تأخيرها مطلقا إلى آخر الوقت حين يؤخر العشاء أيضا وهكذا فعل النبي صلى الله عليه وسلم حين بين أحاديث المواقيت وهكذا في الحديث الصحيح {وقت المغرب ما لم يغب نور الشفق ووقت العشاء إلى نصف الليل} كما قال: {وقت الظهر ما لم يصر ظل كل شيء مثله ووقت العصر ما لم تصفر الشمس} .... وجمع المطر عن الصحابة فما ذكره مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر كان إذا جمع الأمراء بين المغرب والعشاء ليلة المطر جمع معهم في ليلة المطر قال البيهقي: ورواه العمري عن نافع فقال: قبل الشفق وروى الشافعي في القديم: أنبأنا بعض أصحابنا عن أسامة بن زيد عن معاذ بن عبد الله بن خبيب أن ابن عباس جمع بينهما في المطر قبل الشفق [وذكر ما رواه أبو الشيخ الأصبهاني بالإسناد الثابت عن هشام بن عروة وسعيد بن المسيب وأبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام: كانوا يجمعون بين المغرب والعشاء في الليلة المطيرة إذا جمعوا بين الصلاتين ولا ينكر ذلك] (*). وبإسناده عن موسى بن عقبة أن عمر بن عبد العزيز كان يجمع بين المغرب والعشاء الآخرة إذا كان المطر وأن سعيد بن المسيب وعروة بن الزبير وأبا بكر بن عبد الرحمن ومشيخة ذلك الزمان كانوا يصلون معهم ولا ينكرون ذلك. فهذه الآثار تدل على أن الجمع للمطر من الأمر القديم المعمول به بالمدينة زمن الصحابة والتابعين مع أنه لم ينقل أن أحدا من الصحابة والتابعين أنكر ذلك فعلم أنه منقول عندهم بالتواتر جواز ذلك لكن لا يدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يجمع إلا للمطر؛ بل إذا جمع لسبب هو دون المطر مع جمعه أيضا للمطر كان قد جمع من غير خوف ولا مطر كما

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير