ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[15 - 01 - 08, 07:30 ص]ـ
هنا إشكال أصلا في العنوان
قولكم (ابتداع قول غير مسبوق) هل يعني أن هذا القول لم يقل به ولا بخلافه أحد؟! أو المقصود قيل بخلافه فقط؟! يحتمل
الاحتمالان اللذان ذكرهما الشيخ أبو عبد المعز بقوله (القول الجديد له حالتان ..... ) يندرجان في الاحتمال الأول فقط!!
لأنه لا يتصور أن يكون هناك قول (لم يقل به أحد وهو مع ذلك مخرج على أصول أهل العلم)
لماذا؟
لبيان الجواب نقول:
الأصول التي وضعها أهل العلم إذا جاء الناظر ليستنبط منها، من أي باب يكون استنباطه منها؟
الجواب: من باب تطبيق العام على أفراده؛ لأن القواعد هي أمور كلية أو عامة تطبق على أفرادها.
فإذا افترضنا وجود تعارض بين فرد من أفراد هذه القاعدة وبين القاعدة، فلا شك أن الخاص مقدم على العام.
فإذا وجدنا العلماء مثلا ينصون على أن سورة كذا مكية وينصون مع ذلك على أن الآية الفلانية فيها مدنية، فالذي يفهمه العقلاء من هذا الكلام أن هذه الآية مستثناة، لا يهمنا الآن سبب الاستثناء، إنما يهمنا تقرير المسألة على وجهها ابتداء.
فإن جاء مستنبط ليحتج بعموم القاعدة (أن السورة مكية) على أن هذه الآية بعينها مدنية، فهذا الاستنباط لا يقبل منه؛ لأن العام لا يكون حجة على الخاص.
هذا مجرد مثال توضيحي، ولكنه ينطبق على كل شيء، فإذا وجدنا العلماء ينصون على مسألة بعينها فلا يصح عقلا ولا نقلا أن نستند إلى كلامهم العام لرد كلامهم الخاص.
خلاصة الأمر أن الاستناد إلى القواعد العامة لأهل العلم في إبطال كلامهم الخاص في مسألة بعينها لا يسوغ؛ لأنه يعود على هذه القواعد بالإبطال.
لماذا؟
لأن الاستناد إلى كلامهم الخاص أقوى بكثير من الاستناد إلى كلامهم العام، والاستناد إلى قواعدهم هو استناد إلى العام، أما الاستناد إلى كلامهم في مسألة بعينها فهو استناد إلى خاص.
مثاله في الفقه أن يتفق العلماء على حكم مسألة بعينها أنها مستحبة لا واجبة، فإذا جاء من يستدل بقاعدة (الأمر للوجوب) على أنها واجبة لا مستحبة فكلامه باطل إن أراد الاستناد إلى القاعدة؛ لماذا؟
لأن كلام أهل العلم في هذه المسألة بخصوصها أقوى بكثير من كلامهم العام (الأمر للوجوب)
لأن دلالة العام على أفراده ظنية لاحتماله التخصيص والتقييد ... إلخ، أما دلالة الخاص فقطعية.
نعم قد يكون كلامه منطقيا إن أراد أن يبني كلامه على غير أصول أهل العلم، فحينئذ يكون له طريقة أخرى في النقاش.