تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ[أبو فراس فؤاد]ــــــــ[30 - 11 - 08, 02:07 م]ـ

التعليق: إذا كنت تقصد أن الاتساع والضيق في مواطن حول المسعى أمر بدهي فهذا واقع قديماً وحديثاً على تفاوت، وكذلك لو قصدت الأخذ من المسعى في العهود المتأخرة فلا أخالفك فيه إجمالاً وقد حدثنا بعض مشايخنا الذين رأوا تلك المواطن قديماً قبل ما يزيد عن نصف القرن بهذا فالأمر على هذا إلى عهد قريب بل كان الباعة ينصبون منصاتهم داخله يوم العيد فيحصل للناس عنت بسببهم. وإنما قلت إجمالاً لأن حد الأخذ أو التضييق لم يكن كبيراً فيما يظهر، ولم يكن مستغرقاً لجميع طول المسعى بل هو في أجزاء منه لم تكن ظاهرة، ولهذا ما تبين وجود جزء من دار الشيبي في المسعى إلاّ بعد بحث ونظر وتحقيق، وذلك لأن المباني كانت قد غطت أطراف الجبيل (الصفا)، فلم يكن يتميز للناظر حد الجبل، (وهذا مما يوهن به بعض مشايخنا الذين شهدوا تلك المعالم قبل التوسعة شهادة من يزعم أنها كانت ممتدة ويرى بسببها أن الثقات العدول ممن شهدوا إنما وقع لهم نوع وهم والتبس عليهم الأنف بالجبل).

أما قديماً في العهود التي نقل لنا فيها الذرع فهذا ما لا يسلم بحصوله، وهو محل حديثي، فلو كان لنقلوا عرضه في المحل الفلاني كذا وفي المحل الفلاني كذا، أما وأنهم لم ينقلوا إلاّ عرضاً واحداً فدل ذلك على كونه واحداً، والمسعى في العهود الأولى هو ما بين الجبلين للأصل الذي ذكرته سابقاً ويأتي تمام التعليق عليه لاحقاً، ولأن أخذ أرضه غصب لها، وهو ما لم يقر العلماء قديماً عليه الخلفاء والأمراء، وكادت بسببه أن تحصل فتنة بسبب ميضأة فكيف يقرون من بنى فيه بيتاً؟! بل بنيان البيوت دليل على عدم دخول أرضها عندهم في حد موضع الشعيرة المحرم البناء عليها هذا هو الأصل، وهو المتصور في العصور الأولى التي نقل فيها ذرع الأزرقي وإبراهيم الحربي.

وإثبات وجود مبان في ذلك الوقت قد أخذت من عرض المسعى هو الذي يفتقر إلى دليل.

وحدوث مبان في العصور المتأخرة أخذت من عرض المسعى يسيراً محتمل بعد أن غطت المباني جنبتي الصفا والمروة، فتعذرت رؤية حدودهما على كثير من الناس، غير أن هذا شأن وشأن إثبات الإحداث في العهد الأول آخر، فحدوث ذلك الغصب في عصور الخلافة مع قيام أمر الدين وتوافر العلماء في العهد الأول يفتقر مدعيه إلى مثبت، وهو خلاف ما نقوله من ذرع لعرض المسعى، ولو تأملت نقل المعلمي الذي أشرت إليه في هذا الرد لكفى.

يظهر لي بشكل واضح أنكم تذهبون إلى أن المسعى النبوي كان مستوعباً لبينية جبلي الصفا والمروة، بمعنى أنه كان فضاء، وأن كل البنيان الذي كان يعترض المسعى إنما كان خارجاً عن حدود هذه البينية، بما يكون على سمت حدوده.

وبناء على ذلك فإن كل التوسعات التي جرت عبر التاريخ، ليست هي توسعات بالمعنى الدقيق، وإنما هي عمليات استرجاع لحدود المسعى النبوي، ولم يحصل أن استوفى حدود المسعى النبوي عبر التاريخ إلى أن جاء الملك سعود فأرجع الأمر إلى نصابه، مضافاً إليه ما زاده.

وبناء على ذلك أيضاً فإن دار ابن عباد الذي هدم أكثرها المهدي، ومحل الأغوات ودار آل الشيبي اللذان هدمهما الملك سعود، كلها حادثة عن العصر النبوي، وأن محل هذه المباني كلها كانت فضاء في العصر النبوي.

كما يظهر بناء على قولكم أن المسعى النبوي هو أرحب من كل التوسعات التي جاءت بعده حتى جاء الملك سعود.

كما أن قولكم هذا مفضٍ إلى أن المسعى من بعد العهد النبوي ومن بعد الخلافة الراشدة لم يزل مغصوباً إلى أن جاء الملك سعود.

كما أن قولكم هذا مفضٍ إلى أن دار ابن عباد كانت حادثة بعد العهد النبوي، ولذا هدم المهدي أكثرها بما يحقق بينية الصفا والمروة التي كانت متحققة في العصر النبوي.

.وأحب أن أبين هنا أن هذا المقدار لم يمرَّ علي لا من كلام المجيزين للتوسعة الحادثة ولا من كلام المانعين.

وإنما الكل – حسب ما ظهر لي – مسلِّمٌ بحدوث التوسعات الحادثة بعد العصر النبوي، وجرى تفسيرها وتصحيحها بأنها لم تتجاوز حدود البينية بين الصفا والمروة.

وهو تسليم منهم أن المسعى النبوي كان دون التوسعات الحادثة، وإنما نازع المانعون في التوسعة الحالية بسبب أن توسعة الملك سعود كما يقولون: إنها استوفت بينية الصفا والمروة.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير