تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ِ كما أنه يبدو من خلال تقريركم السابق أن سعي الناس لم يصح حين انحرف المسعى، وأدخل إلى المسجد الحرام، كما أنه لا يصح قبل توسعة الملك سعود بقرون طويلة بسبب أنه كان منحرفاً بما يشبه ربع الدائرة.

وأبين هنا أن قولكم هذا لم يكن مبنياً على معلومات تاريخية، بل إن المعلومات متوافرة ومتظافرة على أن كل التوسعات الحادثة بعد العصر النبوي كانت أرحب منه بما لا يدع مجالاً للشك.

كما أن المعلومات تؤكد أن تلك الدور كانت موجودة في العصر النبوي فدار ابن عباد مذكورة في صحيح البخاري وكان ابن عمر يمر أمام دار ابن عباد.

وإنما بنيتم قولكم هذا دليل نظري وهو:

أنه يتعذر حدوث ذلك الغصب في عصور الخلافة مع قيام أمر الدين وتوافر العلماء في العهد الأول،

بينما العصور التالية تفتقر إلى هذه المقضيات.

فإذا تم مناقشة هذا الدليل النظري بما يدفعه انهار وراءه ما بنيتموه عليه من تصور للمسعى النبوي.

والمناقشة قد سبق تقريرها، وأنه لم يكن ثمة غصب، وكان حدود المسعى بما يكفيهم، فلما ضاق بهم، كانوا هم أحق الناس به، ومن مقتضيات التطهير إزالة ما يعوق سعيهم وتطوافهم، وليس يجب أن يوسع المسعى من أول يوم بما يزيد على كفاية الناس يومئذ. [كما قرره المعلمي رحمه الله].

تنبيه:

قولكم هذا هو نفس طريقة القطبي حينما قال:

(وهَا هُنَا إشْكَالٌ عَظِيمٌ مَا رَأَيْت من تَعَرَّضَ لَهُ، وهُوَ: أَنَّ السَّعْيَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ مِنْ الْأُمُورِ التَّعَبُّدِيَّةِ التي أوجبها الله تعالى علينا فِي ذَلِكَ الْمَحل الْمَخْصُوصِ، ولا يجوز لنا العدول عنه. ولا تعتبر هذه العبادة إلا في هذا المكان المخصوص، الذي سعى فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وعَلَى مَا ذَكَرَ هؤلاء الثِّقَاتُ:

أُدْخِلَ ذَلِكَ الْمَسْعَى فِي الْمسجد الشَّرِيفِ وَحُوِّلَ ذَلِكَ الْمَسْعَى إلَى دَارِ ابْنِ عَبَّادٍ كَمَا تَقَدَّمَ.

وأما المكان الذي يسعى فيه الآن فلا يتحقق أنه بعض من المسعى الذي سعى فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو غيره، فكيف يصح السعي فيه؟ وقد حوّل عن محله كما ذكر هؤلاء الثقات؟

ثم أجاب عنه:

(بأن المسعى في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم كان عريضاً، وبنيت تلك الدور بعد ذلك في عرض المسعى القديم، فهدمها المهدي، وأدخل بعضها في المسجد الحرام، وترك بعضها للسعي فيه، ولم يحول تحويلاً كلياً، وإلا لأنكره علماء الدين من الأئمة المجتهدين)

وهو أيضاً:

ليس بناء على معلومات تاريخية، وإنما بني على دليلٍ نظري.

وقد ذكرنا في صلب البحث أن الأدق من الناحية التاريخية أن الأمر لم يكن كذلك.

كما أنه من ناحية الدليل الشرعي؛ فإن توسعة المسعى بعد العصر النبوي لا توجب إشكالاً ما دامت أنها في بينية حدود الجبلين، أو أن الأمر وصل إلى الضرورة؛ فإنه يتسع حينئذ معنى.

ومن الناحية التاريخية فلك أن تنظر في مناقشة الشيخ محمد الصمداني في بحثه "حسن المسعى" لإشكال القطبي.

ـ[أبو فراس فؤاد]ــــــــ[30 - 11 - 08, 02:17 م]ـ

وقولكم: "من الذي صرف الكلام عن ظاهره: هل هو من قال إن الذرع بحسب المحل الذي كانوا يسعون فيه بدليل تنصيصهم أنفسهم على أن الذرع كان من هذه الدار إلى ذلك الزقاق، أم من وسع هذه الدعوى لتشمل أن هذا الذرع كان أيضا لبينية الصفا والمروة".

جوابه: يظهر إذا حررت ما هو الأصل الذي يدل عليه قولهم ذرع المسعى كذا؟

فإذا كان الأصل الذي يفيده لفظهم، أن محل السعي ذرعه كذا، وتقرر عندك أن محل السعي في الشرع هو ما بين الجبلين، تقرر أن تقييد كلامهم بـ (الحاصل وهو غير جميع المشروع) أو (الواقع وهو في جزء من المشروع) في زمانهم لا محل السعي الشرعي صرف لكلامهم عن ظاهره، لأن الأصل كون سعيهم بين الصفا والمروة.

أضف إلى هذا عدم وجود جدار للمسعى يحده عن بلوغ الحد الشرعي.

وأنت –حفظك الله- تريد أن تقول الدار داخلة في المسعى الذي هو بين الجبلين منذ ذلك العهد، وكأن دخولها وإقرار البناء في أرض الشعيرة هو الأصل وهذا غريب!

أما الدليل الصارف للكلام عن ظاهره الذي ذكرته فلو تأملته وجدته دليلا عليك أخي الحبيب فقد ذكرتم أنه:

"

1 - تنصيص الذارعين حين ذرعهم أنه كان للمحل، ولم يأت في كلامهم أنه الجبل.

2 - إجماع المسلمين العملي المستمر على الزيادة على مقدار هذا الذرع التفاتاً إلى بينية الصفا والمروة، وآخرهم لجنة الشيخ محمد بن إبراهيم عندما هدموا دار آل الشيبي ومحل الأغوات.

ولو كان ذلك الذرع مستوعبا للبينية لما كان هناك حاجة إلى التوسعة ولا إلى هذا الالتفات، وهذا نقض لتوسعة الملك سعود الذي هدم دار آل الشيبي ومحل الأغوات، ومن قبله المهدي الذي هدم أكثر دار ابن عباد".

فأما ما ذكرته في (1) فاستدلال بمحل الخلاف الذي يدل أصله على خلاف مرادكم! فالمحل محدد بعرض الجبل من حيث الأصل.

وأما ما ذكرته في (2) فهذا إنما وقع في العهود المتأخرة لا في عهد الأزرقي أوإبراهيم الحربي، ومما يدلك على هذا قرار الهيئة في زمن الشيخ محمد بن إبراهيم وقد جاء في فتاواه ما نصه: "وبالنظر لكون الصفا شرعًا هو الصخرات الملساء التي تقع في سفح جبل أبي قبيس، ولكون الصخرات المذكورة لاتزال موجودة للآن وبادية للعيان، ولكون العقود الثلاثة القديمة لم تستوعب كامل الصخرات عرضًا. فقد رأت اللجنة أنه لا مانع شرعًا من توسيع المصعد المذكور بقدر عرض الصفا.

وبناء على ذلك فقد جرى ذرع عرض الصفا ابتداء من الطرف الغربي للصخرات إلى نهاية محاذاة الطرف الشرقي للصخرات المذكورة في مسامتة موضع العقود القديمة، فظهر أن العرض المذكور يبلغ ستة عشر مترًا".

فهذا هو القياس الذي بناء عليه تم الحكم بجواز السعي في (بعض) دار الشيبي ومحل الأغوات .. وهذا القياس نفسه يبين لك أنه لا يخرج عن ذرع المتقدمين فـ16 متر قريبة من ذرع أولئك.

وهذا النقل هو ما أشرت إليه في النقطة الرابعة من التعليق السابق فتأمله مشكوراً.!

بارك الله فيكم، إذن محل الخلاف بيني وبينكم واضح، ألخِّصه:

بأن أحدنا يدعي أن الذرع القديم كان للمحل الذي يسعون فيه لا لبينية الجبلين.

والآخر يدعي أن الذرع كان للمسعى، وهو أيضا في نفس الوقت لبينية الجبلين

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير