[هدية الكافر]
ـ[مصطفى الفاسي]ــــــــ[24 - 12 - 08, 03:40 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرجيم
- هدية الكافر -
بقلم مصطفى بن عبد الرحمن الشنضيض الفاسي
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على مولانا رسول الله وآله وصحبه أجمعين.
لما كثر السؤال عن قول الشرع في هدايا الكافرين للمسلمين، هل تقبل هديتهم أم لا تقبل، رأيت أن الَخِّص الجواب في هذه الأبواب بغية الاختصار دون البسط والتفريع، رحمة بالسائل المستعجل الذي يريد أن يسمع خلاصة المسائل، ثم إنني لا أوقن بأنني أدركت حكم الشارع في المسألة أم لا، لقول النبي صلى الله عليه وسلم لبريدة كما جاء في صحيح مسلم: " وإذا حاصرت أهل حصن فأرادوك أن تنزلهم على حكم الله فلا تنزلهم على حكم الله ولكن أنزلهم على حكمك فإنك لا تدرى أتصيب حكم الله فيهم أم لا"، إن هو إلا رأي نرجو أن يكون صوابا، وإن كان خطأ فمني ومن الشيطان؛ وعليه فإن هذه المسألة تتلخص في النقاط التالية:
1. حكم قبول هدية الكافر عموما:
الأصل في شرعنا الحنيف جواز قبول المسلم للهدية التي يقدمها إليه الكافر لأن النبي صلى الله عليه وسلم قبل الهدايا من أكيدر دومة وفروة بن نفاثة والمقوقس وغيرهم،
• روى البخاري ومسلم في الصحيحين (1) عن أبي حميد الساعدي قال: أهدى ملك أيلة للنبي صلى الله عليه وسلم بغلة بيضاء وكساه برداً وكتب إليه ببحرهم _ يعني بلدهم.
• ورويا (2) عن قتادة عن أنس رضي الله عنه أن أكيدر دومة أهدى إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وقد بوب البخاري في صحيحه، كتاب الهبة فقال: باب قبول هدية المشركين.
• ورويا (3) عن أنس رضي الله عنه "أنّ يهودية أهدت إلى رسول الله _صلى الله عليه وسلم_ شاة مسمومة".
• وروى البخاري (4) بلفظ العموم عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبل الهدية ويثيب عليها"
• وروى الإمام أحمد والبيهقي (5) وغيرهم عن علي رضي الله عنه قال: "أهدى كسرى لرسول الله – صلى الله عليه وسلم – فقبل منه، وأهدى له قيصر فقبل منه، وأهدت له الملوك فقبل منهم" وفي إسناده ثوير بن أبي فاختة وهو ضعيف
• وروى أحمد (6) أيضا عن عامر بن عبد الله بن الزبير قال قدمت قتيلة ابنة عبد العزى بن عبد أسعد على ابنتها أسماء ابنة أبي بكر بهدايا ضباب وأقط وسمن وهي مشركة فأبت أسماء أن تقبل هديتها وتدخلها بيتها فسألت عائشة النبي صلى الله عليه وسلم فأنزل الله تعالى لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين إلى آخر الآية فأمرها أن تقبل هديتها وأن تدخلها بيتها. وفي سنده مصعب بن ثابت ضعفه النقاد ووثقه ابن حبان، وإنما ذكرناه والذي قبْله للاعتضاد لا للاعتماد، وحجتنا في الذي في الصحيحين، قال البيهقي (7) في الكبرى " والأخبار في قبول هداياهم أصح وأكثر".
2. يجوز لنا أن نقبل هديتهم في أعيادهم وغير أعيادهم ما لم يكن طعاما ذُبح للعيد، أو رمزا دينيا خاصا بالعيد.
فقد روى ابن أبي شيبة (8) عن قابوس بن أبي ظبيان عن أبيه أن امرأة سألت عائشة قالت إن لنا أطيارا من المجوس، وإنه يكون لهم العيد فيهدون لنا فقالت أما ما ذبح لذلك اليوم فلا تأكلوا ولكن كلوا من أشجارهم"
وروى أيضا (9) عن أبي برزة رضي الله عنه: أنه كان له سكان مجوس، فكانوا يهدون له في النيروز والمهرجان فكان يقول لأهله: ما كان من فاكهة فكلوه، وما كان من غير ذلك فردوه"
وروى البيهقي (10) في الكبرى عن هشام عن محمد بن سيرين قال: أتي علي رضي الله عنه بهدية النيروز فقال ما هذه قالوا يا أمير المؤمنين هذا يوم النيروز قال فاصنعوا كل يوم فيروز
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله بعد كلام طويل (11): (فهذا كله يدل على أنه لا تأثير للعيد في المنع من قبول هديتهم، بل حكمها في العيد وغيره سواء، لأنه ليس في ذلك إعانة لهم على شعائر كفرهم، لكن قبول هدية الكفار من أهل الحرب وأهل الذمة مستقلة بنفسها فيها خلاف وتفصيل ليس هذا موضعه، وإنما يجوز أن يؤكل من طعام أهل الكتاب في عيدهم بابتياع أو هدية أو غير ذلك مما لم يذبحوه للعيد) اهـ
3. لا يجوز أن نقبل هديتهم إذا كانت حراما عندنا
¥