[عقوبة من يعمل عمل قوم لوط. دراسة حديثية فقهية]
ـ[عبدالله المزروع]ــــــــ[10 - 01 - 09, 11:39 م]ـ
المقدمة
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده. أما بعد:
فإنَّ مسألة عقوبة من يعمل عمل قوم لوط من المسائل التي يكثر حولها النقاش، وإيراد الأدلة والحجج، لاسيما وأنه نُقِلَ فيها إجماع الصحابة، مع بقاء الخلاف فيها إلى يومنا هذا!
فلمَّا رأيتُ الأمر كذلك، وبحثت عن كتاب يجمع بين دفتيه المسائل المتعلقة بعمل قوم لوط من حيث العقوبة، وطرق الإثبات، والقذف به ونحو ذلك فلم أجد بحثًا يجمع شتات المسائل ويدرسها دراسة مستفيضة = عزمتُ على بحث هذه المسائل حديثيًا وفقهيًا، سائلًا الله تعالى أن يوفقني فيه للصواب.
وهذا هو المبحث الأول، والمتعلق بعقوبة من يعمل عمل قوم لوط، ويليه – إن شاء الله – باقي المباحث.
تحرير محلِّ النزاع: أجمع أهل العلم على أن الفاعل والمفعول به في اللواط يستحق العقاب إلا خلافًا شاذًاذكره الشيخ ابن عثيمين – رحمه الله – مستنكرًا له ولم ينسبه إلى أحد [1] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=34#_ftn1) يقول أصحابه: أنَّ من يعمل عمل قوم لوط لا يعزر ولا شيء عليه.
واستدلوا بأنَّ هذا العمل تكرهه النفوس، فيكتفى فيه بالرادع الفطري والطبعي!
وهذا القول شاذٌ منكر، وذلك لما يلي:
1 – أنَّي لم أجد من يقول بهذا القول بعد بحث [2] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=34#_ftn2) .
2 – أنَّ من أقدم على هذا الفعل برضاه – سواء كان فاعلًا أو مفعولًا به – فقد انتكست عنده الفطرة، فلا يوجد لديه رادعٌ نفسي أو طبعي، فاحتاج إلى رادعٍ آخر.
3 – أنَّ القاعدة العامة في باب التعازير – إن لم نقل بصحة الأحاديث الواردة في الباب – أنها تثبت في كل فعل محرم لا حدَّ فيه ولا كفارة؛ وهذا الفعل لا شكَّ في تحريمه وليس فيه حدٌّ ولا كفارة.
فإذا تبيَّنَ لنا مما سبق أنَّ أهل العلم مجمعون على معاقبة من يعمل عمل قوم لوط؛ فإنَّ الخلاف وقع بينهم في العقوبة المقررة لمن يقع في هذا الجريمة على أربعة أقوال:
القول الأول: أنه يجب قتل من يعمل عمل قوم لوط مطلقًا [3] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=34#_ftn3) ، وهذا هو المروي عن جماعة من الصحابة والتابعين [4] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=34#_ftn4) ، والمالكية [5] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=34#_ftn5) ، وهو قول الشافعي القديم [6] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=34#_ftn6) ، وقول الإمام أحمد [7] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=34#_ftn7) ورواية في المذهب [8] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=34#_ftn8) ، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية [9] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=34#_ftn9) ، وابن القيم [10] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=34#_ftn10) ، وابن رجب [11] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=34#_ftn11) ، واللجنة الدائمة للإفتاء [12] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=34#_ftn12) ، وابن باز [13] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=34#_ftn13) ، وابن عثيمين [14] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=34#_ftn14) وغيرهم.
واستدلوا بما يلي:
الدليل الأول: ما ورد في السنة من الأحاديث الآمرة بقتل الفاعل والمفعول به، ومن ذلك:
أ – عن ابن عباس – رضي الله عنهما – قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم –: " من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط، فاقتلوا الفاعل والمفعول ".
ب – عن أبي هريرة – رضي الله عنه – عن النبي – صلى الله عليه وسلم – في الذي يعمل عمل قوم لوط: " ارجموا الأعلى والأسفل، ارجموهما جميعًا ".
ج – عن جابر بن عبد الله – رضي الله عنهما –، عن النبي – صلى الله عليه وسلم –: " من عَمِلَ عَمَلَ قوم لوط، فاقتلوه ".
¥